رئيس التحرير
عصام كامل

طلقها بالتلاتة يا حاج


مع دخول أيام ذى الحجة المباركات، وتوافد الحجيج إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج، في ملحمة بشرية، من الاشتياق لغفران الذنوب، ونيل رضا الغفور، والتي نرجو من الله عز وجل، أن يتقبلها ويغفر لكل من ذهبوا إليه شعثا غبرا، طمعا وأملا في الغفران والعودة كيوم ولدتهم أمهاتهم، صفحاتهم بيضاء ناصعة من المعاصى.


حوار مستفز سمعته بين أحد المسنين الذين يعتزمون أداء الفريضة هذا العام، وبائع السوبر ماركت، وكان الحوار والمشهد برمته يدل على فرحة الحاج العارمة بالذهاب لأداء الفريضة، ودار الحوار والحاج ممسك بسيجارته المشتعلة يتنفث دخانها الأبيض كالآتى:

صاحب السوبر ماركت: مبروك يا حاج عبد الحميد، ادعيلنا وأنت على جبل عرفات.
الحاج المسن: الله يبارك فيك، هادعيلك وهادعى لكل حبايبي ولكل أمة المسلمين.

صاحب السوبر ماركت في نبرة مازحة مع الرجل الذي يبدو أنه يعرفه جيدا: فرصة حلوة أهى، تبطل بقى السجاير وتنساها خالص وتطلقها بالتلاتة.

الحاج المسن في نبرة مستهجنة: سجاير إيه اللى أبطلها؟!
صاحب السوبر ماركت: ياعم أنت رايح تعبد ربنا، ولا تشرب دخان وتعدل مزاجك وتتكيف!

الحاج المسن في نبرة واثقة: تصدق بالله أنا شارى خرطوشتين، وواخدهم معايا لأن أخويا راح السنة اللى فاتت وكان بيشتريها من هناك بالغالى وبالسيجارة، والمصحف زى ما بقولك يا كرم ولا عضمى يبقى زى النار دى.

والخرطوشة لمن لا يعرف عبارة عن صندوق به 10 علب سجائر، والعلبة تحتوى على 20 سيجارة أي أن الخرطوشة تحتوى على 200 سيجارة في عدد خرطوشتين، أي أن الحاج سيصطحب معه 400 سيجارة للحج!

صاحب السوبر ماركت غاضبا: حرام عليك صحتك وربنا، طب مش هاتتكسف من ربنا وأنت قاعد على جبل عرفات، وبتسبح ومولع سيجارتك؟

الحاج المسن: أنا لو اتاخدت منى السجاير في المطار، وربنا أولع فيهم يا كرم، هاقعد كل ده إزاى من غيرها هناك، ومش هاعرف ألف أنا وأدور عليها هناك، كفاية عليا تعب الحج.

صاحب السوبر ماركت: يا حاج وربنا حرام حاول تبطلها بجد وتنساها وتفتح صفحة جديدة مع ربنا.

الحاج المسن: انسي مش هابطلها حتى لو بموت وهى في أيدي.

وأطرق كرم رأسه مكظوما: ربنا يهدي.

وانتهى إلى هنا هذا الحوار الغريب بين أمنيات كرم صاحب السوبر ماركت، وبين رغبات الحاج المسن، المستعد بسجائره للتسلية وتقضية وقت الفراغ أعلى جبل عرفات!

دعوة لكل من يعتزم الحج وهو مدخن، انتهز الفرصة وانس هذا السم القاتل، وأدّ الفريضة المقدسة التي ربما لا تأتيك مرة أخرى بنية الإقلاع عن عادة سيئة قاتلة، وبنية الإخلاص في الحج، بلا شهوات الكيف والإدمان وملذات الدنيا، وتذكر أنت في رحاب الجبار المتكبر مالك الملك ذى الجلال والإكرام.

طلقها بالتلاتة يا حاج، طلق السجائر لوجه الله...
الجريدة الرسمية