رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة تعليمية أم بلاد مجهولة


وصف بعض الرحالة الأوربيين مصر خلال فترة حكم الدولة العثمانية بأنها "بلاد مجهولة.. غنية بآثارها القديمة.. تعيش في بحار من التخلف".. بعدها جاء محمد على إلى الحكم ليحدث ثورة تعليمية تساعده في بناء الدولة، وبالفعل خلال عدة عقود أرسل الوالي المئات في بعثات إلى أوروبا..


تخرج بضعة آلاف من المدارس التي أنشأها ليساهم هؤلاء في نقل المجتمع من القرون الوسطى إلى العصر الحديث.. أما في العصر الحديث وخلال العقود القليلة الماضية فقد تخرج الملايين بعد حصولهم على الشهادات العليا من الجامعات المصرية، ونُوقشت عشرات الآلاف من رسائل الماجستير والدكتوراه ولكن في النهاية جاءت محصلة استفادة المجتمع منهم بشكل يعكس الوضع المتدني للتعليم!

للأسف لم يعد التعليم الوسيلة الأهم للارتقاء الاجتماعي لأن بعض الكليات أصبحت تكتفي بإعطاء الخريج شهادة لا تُفيده –غالبًا- في سوق العمل.. أستطيع أن أخبرك عن صديقي الذي تخرج في كلية الآداب ويعمل حاليًا سائق ليموزين، أو صديقي الآخر الذي تخرج في كلية الحقوق وافتتح مؤخرًا عربة لبيع الطعام في الشارع، أو جارتي التي درست في كلية التربية ووجدت أخيرًا عملًا في أحد المطاعم!

تحول التعليم إلى وسيلة منظمة لإهدار أجمل سنوات العمر بعد أن تباعدت المسافة بين ما نتعلمه في بعض الكليات واحتياجات سوق العمل.. هل تساءلت يومًا إذا كان هناك ضرر يمكن أن يصيب المجتمع إذا أُغلقت كليات الحقوق والآداب والتجارة وغيرها لمدة عشر سنوات كاملة!

مثلما لا تساهم الجامعة بشكل كبير في إعداد الطالب مهنيًا، فهي لا تدعم أصلًا العلم المجرد أو تشارك في تطوير الجوانب المعرفية أو الاكتشافات العلمية ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة عبر تتبع خطوات حصول الباحث على درجاته العلمية (الماجستير والدكتوراه)، حيث يهتم غالبًا بالحصول على الدرجة وليس تحقيق إنجاز علمي أو أدبي حتى إذا تشابهت المواضيع البحثية أو اعتمدت الرسالة العلمية على السرقة بلا خجل من أبحاث سابقة.

نحتاج إلى ثورة لمواجهة السلبيات المتواجدة في العملية التعليمية ومنها غياب المنظومة المحددة للعلاقة بين الطالب وأستاذه، مما يؤدي لإهدار الكثير من الحقوق خاصة حقوق الطالب باعتباره الجانب الأضعف في هذه الحلقة.. نحتاج إلى ثورة تعليمية وثقافية تنقذ مستقبل الدولة إذا أردنا أن نجفف بحار التخلف ونأخذ المكانة التي نستحقها على خريطة العالم.
الجريدة الرسمية