في كوريا الجنوبية.. جامع القمامة رئيسا للجمهورية
"لا يتحقق النجاح دون المرور بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف والانتظار في هذه المحطات"... إنها واحدة من أبرز مقولات الإرادة ودورها في الحياة، وكيف يستطيع الإنسان تغيير حياته بالإرادة، وقدرته على مجابهة التحديات والعراقيل التي تعترض طريقه، ليصل في النهاية إلى مبتغاه، ويحقق ما يصبو إليه.
قرأت أخيرا كتاب "الطريق الوعر.. السيرة الذاتية لرئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك"، وفيه خلاصة تجربته من جحيم الفقر والحرمان إلى نعيم الثراء والسلطة، والجميل أنه دمج الشخصي بالعام، وسرد بالتزامن قصة أمة تمكنت بالعلم والعمل وإخلاص قادتها، من الانتقال إلى قمة اقتصادات العالم، والتقدم التكنولوجي بعد أن كانت قابعة في قاع الجهل والفقر.
نشأ "لي ميونغ باك" في عائلة فقيرة جدًا، عندما انتهت الحرب الكورية كان في الثانية عشر من عمره، وعانت أسرته فقرًا مدقعًا كغيرها من الأسر الكورية، اضطر الصغير لمساعدة أمه في بيع الكعك في السوق، لتتمكن من إعالة الأسرة، وتوفير مصروفاته الدراسية، ورغم تفوقه في المدرسة، لم يتمكن من الالتحاق بالمدرسة الثانوية التي يحلم بها، لأنه كان يعمل لتوفير مصروفات الدراسة الجامعية لأخيه الأكبر، وعوضا عنها التحق "لي ميونغ" بمدرسة ثانوية تجارية ليلية، ونتيجة تفوقه تم إعفاؤه من المصروفات.
بعد تخرجه في المدرسة التجارية، حاول الالتحاق بالعسكرية ليتخلص من حياة الشقاء، لكنه رسب في الفحص الطبي بسبب اعتلال صحته، لم ييأس "ميونغ" وقرر مواصلة التحدي، والتحق بكلية التجارة في جامعة كوريا، وأن يعمل "جامع قمامة" لتوفير المصروفات الجامعية.
يقول "لي ميونغ" في "الطريق الوعر" عن تلك الأيام: "كنت أخرج من البيت عند الرابعة فجرا أجمع قمامة السوق، وأنقلها لمجمع النفايات على بعد أميال في طريق منحدر، أنقلها في عربة أدفعها بيدي مع انحدار في الذهاب وصعود في الإياب، ست مرات حتى أنهي ما جمعت، ثم أتوجه فورًا للجامعة، وما أحصل عليه من نقود كان كافيًا لرسوم الجامعة دون أي فائض".
شقاء "ميونغ" لم يمنع توسع مداركه، فبدأ يفكر في مستقبل الشعب والوطن، رشح نفسه لرئاسة اتحاد الطلبة في الكلية وفاز بها، ثم شارك في الحركة الاحتجاجية الطلابية، فاعتقلته أجهزة الأمن، وحكم عليه بالسجن سنتين، لكن أفرج عنه بعد أربعة أشهر تحت الضغط الشعبي.
بعد تخرجه في الجامعة، ازداد اهتمامه بالتجارة والاقتصاد، وسعى لتنميتهما للنهوض بمستقبل كوريا الجنوبية وتنمية اقتصادها، وهي كانت حينذاك، دولة نامية تتفشى فيها البطالة والمشكلات.
عمل "ميونغ" في "شركة هيونداي للهندسة والإنشاء" موظفًا صغيرًا، ونتيجة لمثابرته وابتكاره في العمل، ترقّى بسرعة قياسية، إلى أن أصبح رئيسا تنفيذيا للشركة وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، وقضى في الشركة 27 عامًا فتحولت تحت رئاسته إلى مؤسسة عالمية ضخمة، وأنشأ لها فروعا في كثير من الدول الآسيوية ومنطقة الشرق الأوسط وغيرها.
استهل "لي ميونغ" حياته السياسية عضوًا في الجمعية الوطنية، مطلع التسعينيات، رغبةً في نقل خبرته بمجال التجارة والأعمال إلى عالم السياسة، لإيمانه بأن ذلك سيعود بالفائدة الكبيرة على بلده. وكان عازمًا على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع، لقناعته بأن إدارة الدول لا تختلف في جوهرها عن إدارة الشركات العملاقة، وأنه سيحقق نجاحا مشهودا إذا تمكّن من دمج ثقافة إدارة الأعمال الكبرى، وتطبيقها في سياسة واقتصاد الدولة.
في عام 2002 انتُخب "لي ميونغ" عمدة لمدينة سيول، وفي عهده حقق إنجازات مهمة للمدينة، واستمر في منصبه حتى عام 2006، وفي ديسمبر 2007، انتخب رئيسًا لجمهورية كوريا الجنوبية، ومع إدراكه أن رئاسة الاقتصاد الثالث عشر الأكبر عالميًا تختلف عن منصب رئيس تنفيذي لشركة كبرى أو عمدة مدينة..
فقد واجه على الفور تحديًا صعبًا ممثلًا في الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، وهي أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين، فبدأ الكفاح ووضع الخطط العاجلة للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الكوري. ومن خلال رئاسته لبلاده أسهم في التدابير التي اتخذها المجتمع الدولي، لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية وتقليل تأثيرها على شعوب بلدانهم.
أثناء توليه رئاسة الجمهورية، اعتمد "لي ميونغ" على الكفاءات والتكنوقراط، لم يجامل المقربين منه، ولم يسند المناصب الحساسة لأهل الثقة، بل كانت الكفاءة والقدرة على الإنجاز والإخلاص معايير القيادة لديه.
يقول الرئيس "لي ميونغ باك"، الذي حكم كوريا الجنوبية بين عامي 2008 و2013: "لم تمح الرئاسة آثار ورائحة القمامة من يدي، وهذا أكثر ما أفخر به الآن"... تمكن هذا الرجل العصامي من مواجهة كل العوائق والصعاب في حياته وأصبح "أيقونة" في التحدي والمثابرة والإرادة يقتدي به شباب العالم.
استهل "لي ميونغ" حياته السياسية عضوًا في الجمعية الوطنية، مطلع التسعينيات، رغبةً في نقل خبرته بمجال التجارة والأعمال إلى عالم السياسة، لإيمانه بأن ذلك سيعود بالفائدة الكبيرة على بلده. وكان عازمًا على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع، لقناعته بأن إدارة الدول لا تختلف في جوهرها عن إدارة الشركات العملاقة، وأنه سيحقق نجاحا مشهودا إذا تمكّن من دمج ثقافة إدارة الأعمال الكبرى، وتطبيقها في سياسة واقتصاد الدولة.
في عام 2002 انتُخب "لي ميونغ" عمدة لمدينة سيول، وفي عهده حقق إنجازات مهمة للمدينة، واستمر في منصبه حتى عام 2006، وفي ديسمبر 2007، انتخب رئيسًا لجمهورية كوريا الجنوبية، ومع إدراكه أن رئاسة الاقتصاد الثالث عشر الأكبر عالميًا تختلف عن منصب رئيس تنفيذي لشركة كبرى أو عمدة مدينة..
فقد واجه على الفور تحديًا صعبًا ممثلًا في الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، وهي أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين، فبدأ الكفاح ووضع الخطط العاجلة للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الكوري. ومن خلال رئاسته لبلاده أسهم في التدابير التي اتخذها المجتمع الدولي، لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية وتقليل تأثيرها على شعوب بلدانهم.
أثناء توليه رئاسة الجمهورية، اعتمد "لي ميونغ" على الكفاءات والتكنوقراط، لم يجامل المقربين منه، ولم يسند المناصب الحساسة لأهل الثقة، بل كانت الكفاءة والقدرة على الإنجاز والإخلاص معايير القيادة لديه.
يقول الرئيس "لي ميونغ باك"، الذي حكم كوريا الجنوبية بين عامي 2008 و2013: "لم تمح الرئاسة آثار ورائحة القمامة من يدي، وهذا أكثر ما أفخر به الآن"... تمكن هذا الرجل العصامي من مواجهة كل العوائق والصعاب في حياته وأصبح "أيقونة" في التحدي والمثابرة والإرادة يقتدي به شباب العالم.