رئيس التحرير
عصام كامل

سينما «ريفولى».. تاريخ محترق وفن خارج الخدمة


مع حلول الساعات الأولى من صباح اليوم، هرع أهالي منطقة التوفيقية بوسط البلد، ورجال إدارة الحماية المدنية، إلى مقر سينما «ريفولى» للسيطرة على الحريق الذي نشب داخلها، ما أسفر عن التهام مبنى السينما كاملا من صالة العرض حتى الدور العلوى بالكامل، وهو بلا شك تسبب في خسائر فادحة.


لم تكن واقعة حريق سينما «ريفولى» هي الأولى في تاريخ إنشائها، ففى 26 يناير 1952، التهمت النيران مبنى سينما "ريفولى"، ونحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب وناد في شوارع وميادين وسط البلد، في الحدث الأشهر تاريخيا المعروف بـ«حريق القاهرة»، وذلك على خلفية التظاهرات المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا، وإعلان الحرب عليها.

لتنتهى ليلة الحريق بتقديم رئيس الوزراء آنذاك-النحاس باشا- استقالته، ليرفضها الملك فاروق، ثم يجتمع مجلس الوزراء، ويقرر مواجهة الموقف بإعلان الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد، ووقف الدراسة في المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى.
وعين النحاس باشا حاكمًا عسكريًا عامًا في نفس الليلة، فأصدر قرارًا بمنع التجول في القاهرة والجيزة من السادسة مساءً حتى السادسة صباحًا، وأصدر أمرًا عسكريًا بمنع التجمهر، واعتبار كل تجمع مؤلف من خمسة أشخاص أو أكثر مهددًا للسلم والنظام العام يعاقب من يشترك فيه بالحبس.

وتعد سينما «ريفولى» أحد معالم القاهرة الخديوية، ومن أشهر السينمات، والتي يرجع تاريخ إنشائها إلى أكثر من 200 عام.
ولم تكن «ريفولى» مجرد مسرح أو صالة لعرض للأفلام، بل قبلة المطربين والفنانين والسياسيين أيضا، فحضر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر حفلا لأم كلثوم حين شدت بأغنية (قصة حبى)، كما أقامت كوكب الشرق حفلا عام 1960 على خشبة مسرح ريفولى، ذهب ريعه لصالح منكوبى زلزال أغادير بالمغرب وحضره الملك محمد الخامس، وشدى العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بأجمل أغانيه من داخلها.

ويبدو أن «النحس» يلاحق سينما «ريفولى» فبمرور السنوات أغلقت السينما أبوابها، بعدما اشترتها إحدى شركات التوزيع السينمائي العربية، خلفا للفنان فريد شوقى، والذي استأجر قاعاتها في أواخر الثمانينيات لتكون مقرا لعرض أفلام شركته، ويزداد حالها سوءا بعد إغلاق شارع «٢٦ يوليو»، الذي تقع فيه، لتدشين خط جديد لمترو الأنفاق، مما ساهم  في طمس ملامح واجهتها نهائيا، واتخاذها مقرا يفترشه الباعة الجائلون، لتصبح في النهاية خارج الخدمة لأجل غير مسمى.
الجريدة الرسمية