حرم السيد رئيس الجمهورية 2
زوجة الرئيس لابد أن تكون امرأة من معدن شديد الخصوصية، تستطيع أن تتأقلم مع حياة زوجها وتتحمل الزوج فى كل درجات العصبية والتوترات والمسئوليات، فهى مجرد زوجة تحمل اسم أبيها قبل الزواج ثم اسم الزوج بعد أن يصبح رئيس الجمهورية، فليس غريبًا أن نقول إن ثلث نجاح رئيس الجمهورية قائم على زوجته، فهو يقضى هذا الثلث من حياته فى البيت، فإذا كان هادئًا وزوجته متفهمة لطبيعة العمل والمسئوليات، كان رئيس الجمهورية أكثر قدرة على العمل فى منصب رئيس الجمهورية.
السيدة تحية محمد كاظم، زوجة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، المولودة فى عام 1920 وابنه تاجر سجاد شهير قدم من أصفهان وأقام بمدينة طنطا وأقام علاقات جيدة مع التجار هناك ثم تعرف به عبدالناصر فى الإسكندرية وتزوج عبدالناصر بتحية فى عام 1944، اكتفت تحية بأن تقوم فقط بدور الأم والزوجة وتحملت مع عبد الناصر الكثير، سافر عبدالناصر إلى حرب فلسطين وعاشت أياما سوداء، وهى تعرف أن زوجها محاصر فى الفلوجة، ثم عاد الزوج ورأته وهو يجرى اجتماعات مع رفاقه، لم تكن تعرف وقتها أن تلك الاجتماعات خاصة بتنظيم الضباط الأحرار الذى تسمع عنه وتعرف منشوراته ولم تكن تعرف أن زوجها خلف هذا التنظيم، ويختفى عبدالناصر ليلة 23 يوليو، وفى الصباح تسمع صوت صديقة أنور السادات وهو يعلن عن ثورة 23 يوليو ويعود الزوج فرحًا بنجاح الحركة وتقضى معه 4 سنوات من التوتر حتى ينتخب رئيسا للجمهورية.
عاشت السيدة تحية عبدالناصر حرم الرئيس جمال عبدالناصر فى الظل تماما، لم تشارك فى أى أعمال أو أنشطة كما سيرد بعد ذلك عن باقى زوجات رؤساء الجمهورية، إلا من بعض البروتوكولات التى تستوجب حضور السيدة حرم الرئيس، حتى حفلات أم كلثوم كان يحضرها الرئيس عبدالناصر وحده.
روى لى أحد الأصدقاء والذين عملوا بالسلك الدبلوماسى فى فترة الرئيس عبدالناصر أن الرئيس عبدالناصر ذلك الصعيدى، كان فى زيارة الى إحدى الدول وكان البروتوكول الدبلوماسى يستوجب أن تأتى معه زوجته وكان من ضمن البروتوكول أن يهبط الرئيس من الطائرة ويكون فى استقباله رئيس الدولة وزوجته أيضا ثم يسير الرئيس عبدالناصر مع زوجة رئيس الدولة المضيفة وتسير زوجة الرئيس عبدالناصر مع رئيس الدولة المضيفة، وهذا ما رفضه عبدالناصر تماما، بل فكر فى إلغاء الزيارة كلية، ولكن جرت اتصالات دبلوماسية لتغيير البروتوكول وأن تسير زوجة الرئيس عبدالناصر معه، وبالفعل غيرت الدولة بروتوكول الاستقبال خصيصًا للرئيس عبدالناصر.
ومات عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970 وتعيش السيدة تحية كاظم فى بيت الزوجية بمنشية البكرى 22 عامًا وسط أبنائها وأحفادها وبحر من الذكريات، ولكن كتبت مذاكراتها التى نشرت مؤخرا بعنوان "حياتى معه" لتلقى الضوء وتكشف عن الكثير من حياة عبدالناصر والسياسة فى تلك الفترة وتوفيت فى 25 مارس 1992.
وللحديث بقية!!