رئيس التحرير
عصام كامل

توفيق الحكيم يكتب: مركب النقص

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في جريدة أخبار اليوم عام 1949 كتب الأديب توفيق الحكيم مقالا قال فيه:


"عندما كان يقول لى أحدهم أن للكتابات أثرا في تفكير الشباب، لم أكن أتبين عندئذ أن هذا كلام يجر إلى تبعة من التبعات.. ولكن يظهر أنه ليس أخطر من إنسان يؤثر في عقل إنسان غيره".

وتابع: "رأيت كثير من الشباب ينزحون اليوم إلى بلاد الغرب في طلب العلم فيصدمون بحياة أخرى وحضارة أجنبية.. فهم يفكرون ويشعرون بشعور محسن وتفكيره في كتاب "عصفور من الشرق"  يوم ذهب إلى الغرب يرون مثله في الأمريكى رجلا لو فتحت صدره لوجدت دولارا في موضع القلب".

وأضاف "الحكيم": "يهيمون مثله باحثين هناك عن الروح وتسيطر على تفكيرهم فكرة روحانية الشرق وعظمتها، ثم يسيرون خلف محسن آخر في كتاب "عودة الروح" ينقبون كما نقب عن منبع ميراثهم الثقافى والروحى في رواسب الآلاف السنين الكامنة في ضمير مصر".

واستطرد: "أمن الخير أن ندع هذا الشباب يهيم في مثل هذه المشاعر والأفكار؟ أم أن من الخير أن نصده عنها اليوم قليلا ونقول له: لا تسرف في تقديس ماضيك ولا تجعل مركب النقص الذي استولى على نفس محسن يستولى عليك.. اغترف من كل منبع، وخذ من كل ميراث لتثرى نفسك ويتسع أفقك".

وواصل: "أن روحنا أقوى وأعمق من أن تطغى عليه حضارة من الحضارات فلماذا كل هذا الخوف من مواجهة الحضارات الأخرى؟.. كل من أراد أن يكتب عندنا قصة حرص على أن يكتب تحتها بخط واضح "قصة مصرية" وعنى بأن تجرى حوادثها في الأحياء الوطنية وكل ذلك لكى يقنع نفسه بأنه يصنع فنا قوميا بروح مصرية أصيلة.. كل هذا نوع من مركب النقص، وهذا الخوف لا مبرر له، لأن الروح المصرى الأصيل يستطيع أن يطبع أي موضوع يمسه.. ولو كان في محيط أجنبى".

واختتم الحكيم "مقاله أيها الشباب لا تفكروا بعد اليوم بعقلية محسن.. تلك كانت عقلية شاب الثورة المصرية والبعث القومى، ونحن اليوم قد بعثنا.. انهضوا للعمل وواجهوا العالم بعقلية إنسانية لا تعوقها نعرة من النعرات.. وسعوا آفاقكم ولا تخشوا على روحكم".

الجريدة الرسمية