رئيس التحرير
عصام كامل

6 أغسطس.. القناة بين ملحمتين!


يبدو قدرها أن تكون القناة درة تاج نضال المصريين عبر سنوات طويلة.. وسرهم المدفون الذي يعرف مكانه بخريطة الوطنية المصرية جيل بعد آخر.. حفرها المصريون بأرواحهم ودمائهم ودفن فيها من أجدادنا مائة وعشرين ألف شهيد ماتوا جوعا أو تعذيبا أو قهرا أو اختناقا أو غرقا بلا وازع من رحمة أو من ضمير، ثم راحت كل تضحياتهم بمُقامرات وافقت مؤامرات قائمة واستجابت لها فراحت القناة ومن بعدها ضاعت مصر كلها، ولم نثأر للأجداد ولم نسترد القناة نفسها إلا في عام 1956 بقرار التأميم ومن بعده مصادرة الممتلكات البريطانية وتجميد أرصدتهم الموجودة في بنوك مصرية!


بعد عشرات السنين من افتتاح القناة وعشرات أخرى من ردها والثأر لمن حفروها، يعيد المصريون أمجاد الأجداد بملحمة جديدة، ويصر الرئيس السيسي أن يمول شعبنا بنفسه المشروع الجديد ويلقى استجابة هائلة وبعدها يصر أن يحفرها المصريون أيضا وبِشركات وطنية ثم يصر أن يكون مشهد الافتتاح ملحميا يشارك فيه نسيج من أبناء شعب مصر يتصدر الأطفال فيه الصورة ومعهم المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والجنود.. جيل يسلم جيلا.. راية من بعد راية!

نقف اليوم وبعد أربع سنوات من الشرارة الأولى وثلاث سنوات من افتتاح القناة الجديدة لنتأمل كم الشائعات التي طالت الافتتاح الجديد.. فلا زلزال وقع ولا تربة أرضية تحركت ولا مياه من بحر غمرت الأرض لأنه أعلى من بحر آخر ولا بيئة تأثرت ولا سحب المصريون أموالهم ولا القناة خسرت ولا ذهبت التجارة لرأس الرجاء ولا شث العدو الإسرائيلي قناته المزعومة في الأرض المحتلة!

القناة حققت أعلى عائد في تاريخها كله قبل أسابيع برصيد 5.585 مليارات دولار وحققت أرقاما قياسية أخرى، حيث عبرها في أغسطس 2015 السفينة CSCL GLOBE ومعها أيضا في الاتجاه الآخر السفينة MAGLEBY MAERSKCSCL وفي أغسطس 2017 وبعد عامين بالتمام والكمال تكسر السفينة MOSCOW MAERSK الرقم وتعبر القناة بحاجز 221 ألف طن. 

وفي مايو 2018 تكسر السفينة EVER GREEN الرقم بحمولة مماثلة والاختلاف في كونها سفينة صديقة للبيئة بغير مخلفات ملوثة للبيئة، لكن سبقتها في كسر الرقم الفرنسية CMA CGM ANTOINE DE SAINT EXUPERY الرقم بحمولة 223 ألف طن في مايو 2018!

كل سنة وشعبنا بكل خير.. يلقي خلف ظهره رزالة الأراذل.. ويهزم صنع الشياطين.. ويقتحم التاريخ مسجلا لنفسه تاريخا مجيدا هو قدره وهو يستحقه!
الجريدة الرسمية