أطفال التهريب
ظهر فيديو مسجل مع بعض أطفال التهريب، وما إن تم عرض الحوار حتى تباينت ردود الأفعال وللأسف لم يهتم الكثيرون بالوسائل التي تفتح أبواب الرزق لهؤلاء، والعمل على تنمية المناطق المأهولة بالسكان التي تفتقد إلى وجود المشروعات التنموية فجعلتهم يعملون في التهريب، بل وأصبح الفخر أننا نرى أبناءنا يعملون ويضعون صورهم للعلن.
لم يقتصر الأمر على ذلك بل ظهر من يشجعون الأطفال المصريين بالبحث عن وظائف مماثلة في التهريب، وإن كان ذلك سوف يدر عليهم جنيهات معدودة، إلا أن المعايير غير الواضحة لدى البعض قد تركت آثارا غير سليمة على إدراك الناس ولَم يعد الخطأ خطأ إذ هناك من سيقومون بتغيير المعايير ليصبح الخطأ بطولة وشجاعة.
من منا لا يريد خيرا للناس عبر عمل يدر دخلا طيبا على القائم به وعلى أسرته، ومن منا لا يريد أن يرى مجتمعه أفضل؟ فهذا من مبادئ الإنسانية أولا ومن أسباب أمن الشارع المصري ومستقبل البلاد، لكن كلنا نرفض أن نشجع أطفالنا على ارتداء ثوب البطولة بهذا الشكل، لأنها بطولة زائفة، لأننا ببساطة سنُرسخ لفكرة أن من يتاجر بالمخدرات بطلا ومن يسرق بطلا وكلها طرق تدر دخلا حراما ويعاقب عليه القانون..
إذ تساوت عند البعض معايير الحلال والحرام وأصبح العبرة بما تنشره السوشيال ميديا من وجهات نظر حتى إن كان رأي الأكثرية فأنا أمام ظاهرة جديرة بالدراسة.
كيف نقبل بالتهريب ونشجع الذين يفعلون الحرام كأنهم أبطال مما يضر بالوطن أولا وبالشعب ثانيا، إننا أمام كيان كبير يوظف هؤلاء الأطفال في التهريب ولا بد من الوصول إليه ومعرفة مَن وراءه واستيفاء الضريبة المستحقة على تلك العمليات التي راحت من موازنة الدولة إلى أفراد بعينهم.
يذكرني هذا الموقف بلقاء بأحد الأفراد الذين قبلوا العمل بمبلغ ١٢٠٠ جنيه عندما سألته الأجر يكفيك؟ قال لا طبعا أنا لازم أسرق علشان أعيش؟ وللأسف أقر صاحب العمل بذلك؟ وأنه يعرف أنه يسرقه ويتغاضى عن ذلك لأنه لا يجد عمال.
للأسف بعض الأمور اختلفت!
هناك الكثير من الشرفاء يتحملون ضيق العيش دون أن يمدون أيديهم إلى الحرام أو العمل الذي تشوبه الشبهات، إذ إن كل ما يشغل بالهم أن يطعموا أبناءهم من عمل صالح.. وهؤلاء لهم في الحقيقة كل احترامنا وتقديرنا وهم الأبطال حقا وهم من يحتاجون بالفعل إلى أن نمد لهم يد المساعدة.
ادعو الله أن يصلح حال البلاد والعباد وأن نرى الحق حقا والباطل باطلا دون تداخل بينهم مما يضر بقيم المجتمع وسلوكياتنا بين الناس.