رئيس التحرير
عصام كامل

محمد عودة يكتب: السيد والفرفور

فيتو

قدم يوسف إدريس على مسرح الجمهورية أو على الأصح فجر على هذا المسرح عملا من الأعمال التي تظل تعيش في نفس الإنسان ولا تغادرها.. أحد الأعمال الفنية التي يقال إنه لا يمكن أن يكون الإنسان بعد رؤيتها هو نفسه قبلها.

وكما نشرت دار نهضة مصر بعنوان (يوسف إدريس.. بقلم هؤلاء) كتب محمد عودة تحت عنوان (السيد والفرفور) يقول وضع يوسف إدريس على المسرح علاقة إنسانية تاريخية، لم يضعها أحد قبله بالشكل والطريقة التي وضعها بها.. وهى علاقة السيد والمسود.. بكل طولها وعرضها وارتفاعها، كل أبعادها وأعماقها، كل جدها وعبثها، وذلك في مسرحيته "الفرافير".

وضعت المسرحية وضعا فنيا مسرحيا، والسؤال هنا هل هي علاقة أبدية حتمية؟ وهل هي علاقة لا مفر منها؟ وهل في ظل كل الأنظمة وكل المجتمعات هناك فريق خلق ليكون "فرافير" مهما كان ذكاؤه وحيويته ومهما كانت مواهبه، إلا أنه خلق ليكون فرفورا، ليكن له سيد.. لأنه لا بد أن يكون لكل أحد سيد، أم أن هذه علاقة ليست إنسانية وليست طبيعية ولا بد من الخروج منها بحل؟ 

ولم تقدم المسرحية الحل، والحل الذي قدمته هو الرفض، لكنها بعد الرفض لم تقل شيئا، بل وبدا أنه لا حل، لكنها قالت لا بد من البحث والصراخ حتى العثور على حل، ولا بد أن يشارك الجميع في ذلك.

أن ما حققه يوسف إدريس في الفرافير، كان قدرة المصرى الخلاق على استخلاص أجمل مافى القبيح وإعادة بنائه وإبداعه.

لم يحطم إدريس اللغة على طريقة اللامعقولين ــ وكما يفخرون دائما، وقدم حوارا معقولا مضيئا يشع بالاشراق ملهما يرفع في كل لحظة الحجب والأستار عن أعمق الأسرار.

ربما كان من حظ الفرافير أن مخرجها مخرج جديد يقدم عمله المسرحى الأول بعد عودته من بعثته في إيطاليا واستطاع أن يدرك ما إرادة المؤلف وقدمه في إطار مصرى مناسب.

كان عبد السلام محمد هو الفرفور وكان توفيق الدقن هو السيد ولم يكن ممكنا أن يكون هناك تكامل بين الشخصيتين اللتين تعتمد عليهما الرواية.
 
وقد أزالت مسرحية الفرافير الجدار بين الممثلين والمتفرجين واشركت هؤلاء في المسرحية وفى المشكلة ونجح الجمهور في ذلك، واستقبل المسرحية استقبالا حارا تأكيدا لقدرة جمهورنا على تقبل التجارب الجديدة وبذلك يكون البطل الثالث للمسرحية هو الجمهور.
الجريدة الرسمية