رئيس التحرير
عصام كامل

طه حسين يكتب: يوسف إدريس خلق ليكون قاصا

فيتو

في كتاب بعنوان "الدكتور يوسف إدريس بقلم هؤلاء" وضمن 28 أديبا تحدثوا عن الأديب الدكتور يوسف إدريس "ولد عام 1927، ورحل في أول أغسطس 1991" كتب الدكتور طه حسين قائلا:

"تهيأ في أول شبابه لدراسة الطب، ثم جد في دروسه وتحصيله حتى تخرج طبيبا، ولكن للأدب استئثار ببعض النفوس وسلطانا على بعض القلوب لا يستطيع مقاومته والامتناع عنه إلا الأقلون".

وتابع: "قد كلف الشاب يوسف إدريس بالقراءة، ثم أحس الرغبة في الكتابة، فجرب نفسه فيها ألوانا من التجربة وإذا هو أمام كتاب يريد أن يخرج للناس فيخرجه على استحياء".

وأضاف طه حسين: "يقرأ الناس كتابه الأول "أرخص الليالى" فيرضون عنه ويستمتعون به ويقرأه الناقدون للآثار الأدبية فيعجبون له ويعجبون به ويشجعون صاحبه على المضى في الإنتاج.. وأقرأه فأجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول وكأن الكاتب قد خلق ليكون قاصا".

واستطرد: "يمضى كاتبنا في طريقه ثابت الخطى مما يدل على أن سلطان الأدب العربى ما زال قويا.. على أن جذوة الأدب يذكيها ويقويها أن تجاور العلم في بعض القلوب والعقول تستمد منه القوة".

وأردف: "وأرى أنه ربما منح كاتبنا يوسف إدريس قدرة على فهم الملكات الإنسانية، فإذا أتيح الفن الأدبى للطبيب امتاز أدبه بالدقة والصدق وتجنب الألفاظ العامة الممنهجة والعبارات التي تبهر الأسماع ولكنها لا تصل إلى القلوب، ولا تحصل في العقول شيئا". 
وقد أتيح لكاتبنا أشياء من هذا فهو لا يحب التزيد في القول ولا يألف بتهرج الكلام".

وتابع: "هو طبيب حين يكتب يضع يده على معاناة كما يضع يده على ما يشخص من العلل حين يفحص مرضاه، وينقل إلينا خواطره كما يصور أوصاف العلل وكما يصف لها ما ينبغى من الدواء.. وله بعد ذلك خصلة تميزه عن غيره من كتاب الشباب، فالميل إلى تصوير الحياة الاجتماعية ظاهر عند أدبائنا الشباب تختلف حظوظهم منه، ويختلف توفيقهم فيه".

واختتم طه حسين مقاله قائلا: "لكن كاتبنا لا يميل إلى تصوير الحياة الاجتماعية وما فيها من الآمال والآلام فحسب، ولكنه يحسن تصوير الجماعات ويعرض عليك صورها كأنك تراها.. وما أشك في أن عنايته بالطب حين تتصل وتقوى ستمنح أدبه غزارة إلى غزارته، وثروة إلى ثروته، وستزيد جذوته ذكاء وقوة ومضاء.. وأخيرا أهنئ كاتبنا الأديب يوسف إدريس بأدبه وجهده الخصب".

الجريدة الرسمية