رئيس التحرير
عصام كامل

الوزيرة والثقافة والفلوس!


أكثر من مرة أذهب لمهرجان القلعة السنوي.. قلعة صلاح الدين العظيمة تعج بفرق فنية من كل مكان.. فنون شعبية وغناء وتنورة وغناء جماعي ومديح صوفي وغيرها وغيرها.. ثم حفلات كبيرة ختامية لنجوم كبار.. في مهرجان فني سنوي رائع..


الأجواء الصاخبة لا تستهوينا، وجزء من ذهابنا مبعثه متابعة ما يجري، وأجمل ما في المشهد على الإطلاق وجود الأسر الفقيرة بأبنائها في المهرجان.. أغلب الأحياء المحيطة بالقلعة من أبناء السيدة عائشة والدرب الأحمر والسيدة زينب والقلعة والخليفة والسيدة نفيسة حتى أبناء قلعة الكبش ومجري العيون والمغربلين وعين الصيرة وباب الخلق ودار السلام والعتبة والفجالة والقللي والسبتية ومصر القديمة والبساتين ومار جرجس وغيرها وغيرها ينتظرون المهرجان..

كان الدخول مجانيا باعتبار أن الميزانية المخصصة لذلك تتغير كل عام، والهدف من المهرجان ليس الربح بل إحياء فنون شعبية، واكتشاف مواهب جديدة، والترفيه عن الناس وتثقيفهم بما يقدم، خصوصا أن إلقاء الشعر موجود والندوات الثقافية موجودة أيضا، وتكتفي الوزارة بعائد إيجار السلع والمقاهي الصغيرة وعربات بيع التسالي ولعب الأطفال..

اليوم عرفنا بأن وزارة الثقافة قررت أن يكون الدخول بتذكرة تبلغ 15 جنيها للفرد الواحد! أي إن أسرة من 5 أفراد ستحتاج بالانتقالات وأي مشتريات إلى 150 جنيها تقريبا!! وهو ما يعني أن الفئات المستهدفة للتوعية والتثقيف وتهذيب السلوك والترفيه عنها ستكون بعيدة عن المهرجان وسنكون أمام احتمالين.. إما أن يكون للقادرين فقط وهؤلاء يذهبون لأماكن أخرى منها ساقية الصاوي.. أو سينخفض إلى حد كبير جدا جمهور المهرجان.. وفي كلتا الحالتين يكون الهدف من المهرجان ومن تخصيص هذه الأموال قد ذهب في غير محله وإلي غير أهله!

وزيرة الثقافة تعرف أكثر مني أن دور وزارتها ليس الربح.. وإن كان مبدأ "لا خدمة بغير مقابل" وعلي افتراض اعتبار الثقافة خدمة فعلي الأقل يكون الدخول بسعر رمزي يشعر المواطن بأهمية ما يذهب إليه، ولكن لا يمنعه عنه.. ولا يقف حاجزا في سبيل متعة سنوية بسيطة لبسطاء ليس لهم من المتع إلا أوقات يقضونها على كورنيش النيل، ومنهم من لا يقدر على أكثر من ذلك.. لا مشروب ولا تسالي!

الأمل أن تراجع الوزيرة القرار.. المبلغ ليس كبيرا على فئات أخرى، لكن عند هؤلاء فهو يعني ما يوازي وجبة طعام أو مصروف طالب جامعي!
اقتربوا من هؤلاء.. واحتضنوهم.. قبل أن يتحولوا إلى ألغام متحركة بالجريمة و.. وبالإرهاب !
الجريدة الرسمية