«كوميديا البؤساء».. صراعات اجتماعية ممزوجة بموسيقى استعراضية (فيديو)

قدم المسرح الكوميدي، والتابع للبيت الفني للمسرح، عرض «كوميديا البؤساء»، للمخرجة مروة رضوان، لأول مرة في مطلع مايو الماضي، ليختير ضمن العروض المشاركة في المهرجان القومي للمسرح في دورته الـ11.

«كوميديا البؤساء»، مأخوذ عن رواية «البؤساء»، للكاتب الفرنسي لفيكتور هوجو، والتي نشرت عام 1862م، وجسدت بين أحداثها، حجم الظلم والقهر المجتمعي الذي عاشه الفرنسيون في الفترة بين سقوط إمبراطورية نابليون، التي صنعت العديد من الإنجازات والأمجاد الفرنسية، وحتى الثورة التي لم يكتب لها النجاح على الملك لويس فيليب في 1832.

ترصد الرواية الحالة الاجتماعية والسلوكية بين الخير والشر في نفوس العامة، مع تصاعد حدة الفقر، ويجسد بطولة الرواية المواطن «جان فالجان»، والذي ظل حبيس زنزانة ظل بها لـ19 عاما كاملة، في تهمة تعد بمثابة اتهام يوجه لزعماء فرنسات حينها، حيث سجن لسرقته الخبز من أجل تقديمه لأخته المعيلة وأطفالها.

وفور خروجه من عالم السجن، يتخفى «جان»، في شخص يدعي «مادلين»، قبل أن يصطدم، بالواقع السيئ، والاضرابات الفكرية، والأخلاقية، التي ضربت المجتمع، في علاقة الأفراد ببعضهم، وغياب مفهوم العدالة الحقيقي، في ظل تعالي الأزمات المعيشية للشعب.

ويوقع القدر «السجين الحر»، في عالم جديد مختلف، بأحد الأحياء الشعبية البسيطة، ليختلط ويعامل أناس مختلفون، يجد بهم النزاعات، والصراعات، ومحاولات السيطرة، بالإضافة إلى العديد من الحيل التي يحيكونها، للإيقاع بأعدائهم.

وبالعودة للعرض، فقد تمكنت المخرجة مروة رضوان، من تنفيذ معالجة مختلفة بشكل كبير عن النص الأصلي، بمادة استعراضية وموسيقية طاغية على فترات وفصول العرض، لفنانة الاستعراضات رشا مجدي، بالإضافة إلى موسيقى محمد الصاوي.

كما تخلل بعض المشاهد مجموعة من المقتبسات عن فيلمي البؤساء، واللذان عرضا عامي 1944 و2012.

فبداية بأسماء الشخصيات، فإن مسألة تمصيرها جميعا عدا البطل «جان»، والذي يؤدي شخصيته الفنان محمود عزت، كانت الدليل الأكبر على رغبة صانعي العرض، على استلهام فقط الخطوط العريضة للرواية.

بالإضافة إلى حالة الكوميديا التي قدمها العرض على المسرح، في معظم المشاهد تقريبا نافيا صفة «البؤس» عن العرض، أو كما رجح البعض أنه بمثابة كسر لحالة البؤس بأسلوب كوميدي خفيف.

تدور المسرحية في أحد الأحياء الصغيرة، ذات الجيرة المتقاربة، عالم الكافيه الذي يحمل اسم «كباريه»، و«نورماندي»، ومصنع «الشمعدان»، الذي أسسه «جان»، عندما وطأت قدماه المنطقة.

يبعث «جان»، في نفوس أهل الحي، الأمل ويدعوهم إلى التفائل بالمستقبل، كما يواجه العديد من الأزمات، كحريق مصنعه، ومطالبة مصلحة الضرائب له بسداد مستحقاتها، لكن مقاومة «جان»، تمكنه من التغلب عليها بمساعدة أهل الحي، و«شيري» رنا سماحة، والتي تنشأ بينهما قصة حب قوية.

كما قدم العرض، مزيجا مختلفا من الموسيقى الشرقية، والاستعراضات الغربية، بشكل انسيابي، نجح فريقه في توليفه بشكل مميز، بالإضافة إلى ما قدمته الإضاءة، من إضفاء جو هادئ للعين والنفس، خاصة في المشاهد الإنسانية والعاطفية التي جمعت «جان وشيري»، طيلة العرض.

«كوميديا البؤساء»، بطولة رنا سماحة، محمود عزت، رامى الطمبارى، محمد عبده، عمرو كمال بدير، إيهاب الزناتى، محمود خالد، مريم البحراوى، رانيا النجار، محمد حسن رمضان، مايا ماهر، زينة زين، أكرم عمران، يوسف ذكرى، ألحان محمد الصاوى، ديكور عمرو الأشرف، أزياء نعيمة العجمى، استعراضات رشا مجدى، أشعار أحمد حسن راؤول، مونتاج ومادة فيلمية محمد حجازى تصوير فوتوغرافيا مارتن آدم، تأليف وإخراج مروة رضوان.