رئيس التحرير
عصام كامل

ملكة القلوب.. وجامعة الشعوب! (2)


لم يدر بخلد جول ريميه، وهو يدشن أول بطولة رسمية لكأس العالم في أوروجواي عام 1930، أن الساحرة المستديرة سوف تلقى كل هذا الاهتمام الجماهيري في مشارق الأرض ومغاربها، وتتوج ملكة على عرش القلوب.


ولم يكن متصورًا أن تؤسس كرة القدم عالمها الخاص، فتذيب الفوارق بين البشر، وتعيد رسم الخريطة السياسية للعالم بمعيار آخر، غير الذي اعتادته السياسة والقوة العسكرية والاقتصادية، فتكبر في ساحة منافساتها الحامية دول صغرى، وتصغر دول كبرى، ويصبح الـ«فيفا» منظمة تجمع الشعوب، وتفرض كلمتها على الحكومات، مثلما تجمع الأمم المتحدة الدول تحت رايتها..

ولولا المونديال ما سمعنا بدول صغيرة المساحة والسكان مثل أوروجواي وبنسلفانيا وبنما.. ولا تخلو مباريات الكرة من متعة ومفارقات ومفاجآت، تنزل السياسة من عليائها، وتتخلى القوة عن غطرستها، ويصبح بإمكان الدول الصغيرة أن تشعر بالتفوق على الكبار؛ فالولايات المتحدة مثلًا ، وهي من أكثر الدول تسليحًا واقتصادًا وهيمنة تبدو على البساط الأخضر أضعف من كوستاريكا حتى إنها- أي أمريكا- لم تتمكن من التأهل لنهائيات روسيا هذا العام ، وخرجت من التصفيات المؤهلة، وألمانيا بطلة كأس العالم في نسختها الفائتة غادرت المونديال في أدواره الأولى على يد كوريا الجنوبية، كما خرجت البرازيل والبرتغال والأرجنتين وإسبانيا التي تضم أغلى وأشهر نجوم الكرة في العالم.

من كان يتوقع لكرة القدم أن تصنع أساطير تفوق شعبيتهم وشهرتهم رؤساء دول وسياسيين وعلماء كبارًا في مجالهم.. فمن من عشاق الكرة لا يعرف الساحر بيليه، أو مارادونا أو هازارد أو رونالدو وميسي وهاري كين ولوكا مودوريتش وكيليان ومحمد صلاح وغيرهم.
الجريدة الرسمية