رئيس التحرير
عصام كامل

خليفة أدهم.. رؤية نعارضها


من المحللين الاقتصاديين الذين اطمأن إلى رؤاهم الزميل الكاتب الصحفى الكبير "خليفة أدهم" رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادى، خاصة وأنه أعاد الحيوية والديناميكية لهذه المطبوعة المهمة، في وقت أصبح الاقتصاد فيه واحدا من أهم القضايا على مائدة المصريين، وقد استطاع خليفة ومعه مجموعة من الصحفيين النشطين أن يتناول الشأن الاقتصادى بلغة سهلة وبسيطة، يفهمها القارئ العادى، على اعتبار أن الصحافة القادرة هي التي تصل إلى الناس ببساطة وسهولة ويسر.


تابعت ما تناوله الأستاذ "خليفة أدهم" حول ملف الفساد في مصر، بداية من سبعينيات القرن الماضى وحتى اليوم، منوها إلى النشاط الأكثر عمقا للرقابة الإدارية في الفترة الأخيرة، بعد أن أعيد إليها دورها بإرادة واعية بحجم الفساد وآثاره، ورغم ما قدمه "خليفة" في هذا المقال من رسائل إقناعية حول أهمية مجابهة الفساد،  واعتباره آفة من آفات تعطيل الاستثمار إلا أنني قد اختلف معه في الطريقة التي نواجه بها هذا الغول المتوحش في عظام الجهاز الإداري للدولة.

يري "أدهم" أن القضايا الأخيرة التي نجحت فيها الرقابة الإدارية، تؤكد أن إرادة سياسية قوية تقود هذا العمل، وأنه لا أحد فوق المحاسبة والمراقبة والإدانة والمحاكمة، ودلل على ذلك بقضايا شغلت الرأي العام، بداية من وزير الزراعة الأسبق ، وصولا إلى رئيس مصلحة الجمارك، ومن هنا فإنني أرى أن دورا لايزال ينتظر الرقابة الإدارية أهم من ذلك بكثير، وهو دور رجالها في الوقوف على أسباب تعطل بعض المشروعات، وتعطيل تنفيذ قرارات لجنة فض المنازعات الوزارية ،التي تحولت إلى مجرد قرار على الورق، لا يعني حصول المستثمر على حقوقه.

أيضا هناك مشروعات ومصانع متوقفة عن العمل، لم نر للرقابة الإدارية دورا بارزا فيها، وهو أمر نتصور أنه لا يقل أهمية عن فكرة القبض على لصوص وفاسدين، هم في النهاية حالات فردية، لا تعني أننا نواجه بشكل مطلق هذا الشبح المرعب.

أيضا قلت قبل ذلك: إن ميكنة الخدمات قد توفر على أعضاء الرقابة الإدارية الكثير من الجهد، وفكرة الفصل بين مقدم الخدمة وطالبها، هو الأمر الذي يعني أننا لن نسمح بأرض خصبة لتنامي ظاهرة التفاوض من أجل الرشوة، واننا لن نسمح بهذا اللقاء الذي كان دوما هو المحرك الرئيسى لقضايا الرشوة خلال السنوات القليلة الماضية..

هذا لا يعنى أن الرقابة لم تقم بدورها (لا سمح الله) بالعكس.. قدمت الكثير، والكثير.. غير أن الطريقة التي تعمل بها ستظل مجرد محاولة لمواجهة "تنقيط حنفية"، بينما هناك سيل جارف يطارد كل صاحب مصلحة أو رخصة أو خدمة، أضف إلى ذلك أن تفكيك منظومة الفساد أهم بكثير من الطرق البدائية التي ما زلنا نتعامل بها.
الجريدة الرسمية