«عبد الناصر» والتليفزيون المصري!
بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو، وجدت بين أوراقي قصة إنشاء التليفزيون المصري منذ 48 سنة وكيف كان العقلية المبدعة في التفكير.
البداية عندما استطاع الدكتور محمد عبد القادر حاتم الأب الحقيقي للتليفزيون العربي، إقناع مجلس الوزراء في وجود الرئيس عبد الناصر بفكرته وحماسه لإنشاء التليفزيون، لكن الإمكانيات لم تكن متوفرة بالشكل الذي يتم إنشاء منظومة متكاملة لهذا الجهاز الوليد، هنا قال عبد الناصر: 200 ألف جنيه فقط ما يمكن تدبيره.. هل ستكفي؟ فرد الدكتور حاتم: تكفي!
ثم تم الإعلان أنه يمكن لأي مواطن أن يكون لديه جهاز تليفزيون بمقدم حجز خمسة جنيهات فقط، وكان سعر الجهاز يتراوح بين 15 و20 جنيها، على أن يتم تقسيط باقي المبلغ، وفي أول يوم للحجز وصلت الحصيلة إلى 80 ألف جنيه، وخلال شهر وصل مبلغ الحجوزات 4 ملايين جنيه، ولم يكن في مصر شخص واحد دارس هندسة التليفزيون فتم فتح مراكز تدريب لتعليم الشباب هذه التقنيات الجديدة، وتم عمل محطات تقوية لإرسال التليفزيون كل خميس من الإسكندرية لأسوان..
ويقول الدكتور حاتم: كانت هناك فكرة لإقامة التليفزيون بميدان التحرير في حضن مجمع التحرير ورفضت ذلك لأنني أريد أن أقيم المبنى على شاطئ النيل ليكون هرما ثقافيا فنيا وجئت بتصميمات التليفزيون الفرنسي الذي يأخذ الشكل الدائري وبدأنا الإنشاءات على مراحل حسب ما يتوافر لنا من أموال، حتى 10 يناير 1960 لم تكن هناك طوبة واحدة بنيت، لكن بالعمل والعلم والجهد والتخطيط السليم استطعنا أن نختصر عمل خمس سنوات في سبعة أشهر..
ونبدأ الإرسال في موعده في ذكرى عيد الثورة، ويواصل الدكتور محمد عبد القادر حاتم: أرسلنا البعثات إلى أمريكا وإنجلترا وألمانيا الشرقية وروسيا لتتعلم الإخراج والتصوير حتى تتوافر لنا الأموال اتصلت بثلاثين شركة لتصنيع التليفزيون وقلت لهم نريد التليفزيون بمصر وطلبت من كل شركة منحى 40 جهازا على سبيل التجربة حتى اختيار الجهاز المناسب..
ووضعنا هذه الأجهزة في الميادين الكبرى بالعاصمة وتم تعيين عسكري على كل جهاز، ثم كانت المشكلة العملة الصعبة "الدولار" للحصول على الأجهزة اللازمة لإنشاء التليفزيون من أمريكا، وتم التغلب عليها، أما بالنسبة لأجهزة الاستقبال فتم الاتفاق مع اليابان على إقامة مصنع النصر للتليفزيون وكان به خطوط إنتاج من شركات توشيبا وسوني وناشونال.. والبيع بالتقسيط وبعد ذلك كنا نصدر فائض الإنتاج للخارج وأصبح التليفزيون المصري رائدا ليس في المنطقة العربية، بل والأفريقية، بفضل عقلية إدارية مبدعة صاحبها الدكتور محمد عبد القادر حاتم الذي تولى قيادة الوزراء قبل وأثناء حرب أكتوبر المجيدة.
------------------------
وبمناسبة انتصار حرب أكتوبر، أقام اللواء محمد محمود عمر أحد أبطال حرب أكتوبر (صاحب موسوعة رجال من ذهب) حفل تأبين للراحل العظيم اللواء مهندس باقي يوسف صاحب الفكرة العبقرية لاختراق الساتر الرملي في حرب أكتوبر، وأقيم اللقاء في مكتبة القاهرة بالزمالك، واحتشدت القاعة بالأبطال من القاهرة وخارج القاهرة ومنهم وزراء سابقين وعشاق تراب مصر، وكان من نبل اللواء محمد محمود عمر أنه جعل الحفل تحت رعاية وزيرة الثقافة التي رحبت وأعطت قرارا أنها ستحضر الاحتفالية، وعلى الرغم أن الاحتفالية وموعد حضور الوزيرة السادسة فإلا حضوره كان بعد الثامنة، ولا تعليق!
لكن اللواء حاتم عبد اللطيف أحد أبطال أكتوبر قال: والله مصر لن تتقدم إلا بالانضباط واحترام المواعيد!