فيديو «التغني بالقرآن» يثير غضب الأوساط الدينية.. الإفتاء: محرم شرعًا.. الأزهر للفتوى الإلكترونية: خروج بالعبادة عن صورتها المشروعة.. عضو البحوث الإسلامية: فعل يستحق مرتكبه العقوبة
أثار تداول نشطاء مواقع التواصل الإجتماعى «فيس بوك» فيديو، لأحد الأشخاص وهو يقوم بتلحين سورة الفاتحة وغنائها، حملة غضب واسعة في الأوساط الدينية وعلى صفحات مواقع التواصل، ومن جانبها سارعت المؤسسات الدينية لتوضيح الحكم الشرعي لذلك والتأكيد على حرمته.
محر م شرعًا
من جانبها أكدت دار الإفتاء أن القرآن الكريم هو كلام رب العالمين، أنزله الله على الرسول - صلى الله عليه وسلم - هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ولم ينزله ليطرب به الناس أو يتغنوا به، وقد أمر الله المسلمين بفهم معانيه وتدبر ما فيه من عظات وآداب بكل أحكامه.
وأضافت الدار- عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيس بوك"- أن سماع القرآن كما تُسمع الأغاني، يجعله أداة لهو وطرب، تصرف السامع عما أنزل القرآن له من هداية الناس وإرشادهم.
وشددت الدار على أن القرآن الملحَّن بالموسيقى، ليس هو القرآن الذي أنزله الله على رسوله، وتعبدنا بتلاوته التي تلقيناها عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكدت أن قـراءة القرآن ملحنًا تلحينًا موسيقيًّا وسماعه مصحوبًا بآلات الموسيقى، تحريف وتبديل لكتاب الله؛ وفي ذلك ضـيـاع الدين وهلاك المسلمين.
ترتيل القرآن
وفى سياق متصل قال مركز الأزهر العالمي للفتوى تعقيبا على فيديو التغني بسورة الفاتحة إن الله سبحانه وتعالى، أمر نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – بتلاوة القرآن، أمره بترتيله فقال عزّ من قائل:" وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا "، قال الإمام الرّازي –رحمه الله : أمرهُ بترتيل القرآن حتّى يتمكَّن الخاطر من التّأمل في حقائقِ الآياتِ ودقائقهَا، فظهر أن المقصود من التّرتيل إنّما هو حضورُ القلب.
وكذلك حثّ النّبي – صلى الله عليه وسلم – على ترتيل القرآن وتحسين الصوت به، فقال :"مَا أَذِنَ الله لِشيءٍ مَا أَذنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوتِ، يَتَغَنّى بِالقُرآنِ، يَجْهَرُ بِهِ"، وقال – عليه الصلاة والسّلام -: "زَيِّنُوا القُرآنَ بِأصواتِكُم"، وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال ليَ رسول الله – صلّى الله عليه وسلم:" لَو رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاءَتَكَ البَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد"، فقال أبو موسى: لَوْ عَلِمتُ لَحَبّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا".
والّذي يستنبط من هذه الأدلّة: أنّ تحسين الصوتِ بالقرآنِ مطلوبٌ، وقد حكى الإمام النّووي وغيره الإجماع على استحبابِ تحسين الصوت بالقرآن (قراءة وترتيلًا) (التبيان في آداب حملة القرآن)، وقد ضبط العلماء تحسين الصوت بالقراءة بما لا يخرج التلاوة عن وضعها الصحيح، نأيًا بالقرآن من التشبه بالأغاني التي يقصد بها الطرب.
خروج عن العبادة
ومن ثم؛ فليس من التّغني المشروع بالقرآن ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي من مقطع لتلاوة القرآن الكريم على ألحان الموسيقى؛ بل إن هذا الفعل محرمٌ شرعًا، وسماع القرآن بهذه الصورة خروج بالعبادةِ عن صورتها المشروعة، وامتهان للقرآن الكريم، ومنافاة لحرمته، وصرف له عن معناه الذي جاء له من الخشوع والتفهم والهداية والإرشاد، بجعله وسيلة للتبذل والطّرب، مما يتعارض مع وقارِ القرآن وجلاله.
والأزهر الشريف كما يقاوم مظاهر الغلو والتّطرف، يسوءه هذا التفريط الّذي يئول إلى الانحراف بالشرائع عن مقصودها ويؤدي إلى ضياع الدّين، ويشدد الأزهر على أن مثل هذه التّصرفات غير المسئولة دافعها إما جهلٌ مطبقٌ وإما نوايا خبيثة، وهي في كلا الحالين تغيير للدّين، وخروجٌ عن الصراط المستقيم، ويهيب الأزهر بالمسلمين تعلم وأداء العبادات على وجهها الصحيح، وتعظيم شعائر الله؛ قال تعالى: "ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ"، ولا شك أن آيات القرآن الكريم من أعظم شعائر الله الواجب على المسلمين تعظيمها بتقديسها واحترامها والتأدب عند سماعها كما قال تعالى: " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"
وأشار المركز إلى أن القرآن الكريم: هو كلامُ الله المعجز، المنزل على النّبي- صلى الله عليه وسلم- المكتوبِ في المصاحفِ، المنقول بالتّواتر، المتعبد بتلاوته فإن مقتضى كونه متعبدًا بتلاوته: أي على الوجه الّذي تلقيناهُ من النبي – صلى الله عليه وسلم.
جريمة تستحق العقاب
من جانبه قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن ما تم عرضه جريمة يستحق مرتكبها العقاب، كونه قام بالتغني بالقرآن الكريم وهو أمر محرم قطعيا، بالإضافة إلى ارتدائه الزي الأزهري للتدليس على الناس وإعطاء صورة أن ما يقوم به يرضى عنه الأزهر.
وطالب عضو مجمع البحوث الإسلامية، مجلس النواب بضرورة تشريع قانون للتصدي لمثل تلك الفضائح والتصرفات غير المسئولة فينبغي توقيف من قام بمثل هذا المسلك المشين وتجريمه.
وأضاف الجندي، في تصريحات له، ما تضمنه الفيديو هو قمة الإبتذال، فسورة الفاتحة هي أم الكتاب التي يدخل بها المصلي في كل ركعة من الركعات بالصلوات الخمس بالإضافة للسنن والنوافل، بالإضافة إلى أن فكرة التغني بالقرآن الكريم مسلك حرام حرمة قطعية لأنه أخل بالجلال والجمال للقرآن الكريم.