تصريحات سمك.. لبن.. تمر هندى!
أحيانا تتعجب.. كيف تعمل منظومة العمل داخل الحكومة!؟ هناك مواقف تشعرك بأن ما يحدث فوق مستوى العقل، لا أنسى مشهدا بالصوت والصورة على شاشات التليفزيون الحكومى، في افتتاح أحد المعارض الصناعية، وكان الرئيس الأسبق حسنى مبارك في صدارة الحضور، وأمام إحدى السيارات، اخذ د. محمد عبدالوهاب وزير الصناعة في ذلك الحين، الشرح للرئيس الذي سأله: لماذا لا نصنع سيارة مصرية شعبية!؟ فأجاب وزير الصناعة: هناك أفكار، ولكن وزارة الدفاع والهيئة العربية للتصنيع لا يتعاونان معنا!
وهنا يتدخل المشير أبو غزالة نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في ذلك الحين: أنت بتهرج! ويقطع التليفزيون الصوت، وتتغير الصورة حتى لا تكون الفضيحة أكثر من ذلك، والتي جرت أمام رئيس الجمهورية.
السؤال: لماذا تذكرت هذه الواقعة التي ربما أكون قد ذكرتها أكثر من مرة، ربما لأن الوزراء المفروض متعاونون والواقع غير ذلك، هل لأن هناك تصريحات تحدث بلبلة في الشارع، ويلجأ المواطن للتوقعات أو الإشاعات، في تصريح لوزيرة التخطيط عن الغلاء وارتفاع الأسعار طالبت المواطنين بعدم شراء أي سلعة يرتفع ثمنها، استنكر المواطن هذا التصريح بشدة لأن المواطن البسيط لا يشغله سوى الأساسيات، وبالتالى فإنه يشكو من أسعار المواصلات، الكهرباء والغاز والمياه وجميع أنواع الخضار وبلاش الفاكهة..
المواطن البسيط علق على تصريحات الوزيرة بأنه ليس لديه رفاهية الاختيار، وبناء على الغضب الذي حدث أصدرت بيانا تطالب المواطن بمحاربة جشع التجار! فكان الرد عليها وقد وصلها عن طريق مشترك عليها أن تطالب الحكومة بتشديد الرقابة لمحاربة جشع التجار قبل أن تطلب هذا من المواطن، لأن جدية الحكومة ستجعل المواطن أكثر إيجابية!
ومن تصريحاتها أن هناك صندوقا سيتم إنشاؤه في بداية 2019 براسمال 200 مليار دولار، وعندما تقرأ التفاصيل تفاجأ بان هذا المبلغ هو قيمة أصول في الدولة أي ملك الشعب، وسيكون هذا الصندوق لتلقى استثمارات وتدخل البورصة، ربما من نعمة ربنا أن الوزراء عندنا ينسون ما يقولونه، وبالتالى ستنسى الوزيرة هذا الكلام مثلما وقعت مع الدكتور هشام الشريف عندما كان وزيرا للمحليات وتصدرت الصحف تصريحاتهما، وذهب المشروع مع الرياح! الناس تنسى أحيانا.. ولا تنسى أحيانا معالى الوزيرة!
وإذا اعتبرنا وزارة النقل نموذجا يفتقد الحد الأدنى للإبداع أو القيادة الرشيدة ودليلنا على ذلك التضارب والتخبط في التصريحات، فأول تصريح لوزير النقل أن الخط الأول لمترو الأنفاق يحتاج إلى 20 مليار جنيه، وذلك لتطويره وإنقاذه من التوقف بسبب الإهمال الذي حدث له، مع العلم أن مترو الأنفاق لم يتوقف الصرف عليه بدليل القطارات المكيفة وتطوير المحطات و...إلخ قبل رفع تذكرة المترو قبل ذلك بقرار ليس هناك أغبى منه..
خرج وبرر أن المترو يحتاج 25 مليارا بشكل عاجل لإنقاذ المترو من التوقف، والخميس الماضى يخرج المتحدث باسم الوزارة ليعلن أن المترو في حاجة إلى 32 مليار جنيه، وسيتم من خلال خطة عاجلة على مدى ست سنوات! الخطة العاجلة ست سنوات! والغريب أن المتحدث يقول إنه منذ 30 سنة لم يحدث أي شىء في المترو!
لماذا يشعر المواطن بحالة من الإحباط !؟ لأنه يشعر أن الحكومة عليه وليست معه، وأن ثورة 30 يونيو لم تحقق له ما كان يحلم به! لماذا يشعر المواطن أن الغد لن يكون أفضل من اليوم!؟ هل الأسعار التي تكوى المواطن السبب!؟ هل انعدام الرؤية لدى المواطن الذي يعجز عن الإحساس أو التعرف على الإنجازات التي تتم على أرض الواقع أو العجز على توصيل الهدف أو المردود الذي سيعود على المواطن!؟
لابد أن نعترف أن المسئولين في معظم قطاعات الدول،ة وعلى رأسهم الوزراء منذ 25 يناير 2011 وقبلها أيضا يفتقدون الحس السياسي، والمقصود به الوعى بهموم ومشكلات المواطن، وكيفية التعامل معها، والأهم كيف يتحدثون مع هذا المواطن، وإذا كانت مشاغل الحياة تشغل البعض، فان البعض الآخر لا ينسى، ويقارن ويكتشف أن التصريحات متناقضة، فمثلا يخرج مسئول ليقول إن العاملين في الحكومة ستة ملايين مواطن منذ خمسة سنوات..
واليوم يقال إنهم سبعة ملايين، والحقيقة أنهم أقل من ستة ملايين، عندما يكون الفارق مليون موظف فهو ليس رقما كبيرا، عندما نترجم هذا الرقم إلى مرتبات ومكافآت..إلخ وعلى سبيل المثال فأصبح المواطن لايعنيه أن هناك تشكيلا وزاريا يجرى، بعد أن تأكد أن "أحمد هو بعينه الحاج أحمد"!
سوء الإدارة هو فساد إدارى فهو سرطانى أحيانا علاجه يحتاج سنوات لعلاج توابعه المدمرة أحيانا، والحقيقة أننا نحتاج فكرا إداريا من خلال عقليات مبدعة في الحكومة، لذا نرجو الله أن تكون معنا.. لا علينا.. وتحيا مصر دائما فوق الجميع !