رئيس التحرير
عصام كامل

معركة الصحافة


قوانين الصحافة والإعلام الجديدة تشهد حالة من المد والجزر بين طرفين مختلفين هذه المرة.. في المرة الأولى وأثناء حرب السلطة ضد الصحافة، فيما سمي ساعتها بـ"القانون المشبوه" كانت السلطة ممثلة في الحزب الوطني ترغب في تأميم الرأي الحر، ومقاومة تمدد مساحة الحرية، وكانت الجماعة الصحفية على قلب رجل واحد.. هذه المرة اختلف الأمر إذ إن من يخوضون المعركة طرفان صحفيان.


نقابة الصحفيين وشيوخ المهنة في ناحية، وفي الناحية الأخري اثنان محسوبان على الجماعة الصحفية هما "أسامة هيكل" و"كرم جبر".. "أسامة" رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب، و"كرم" يمثل الهيئة الوطنية للصحافة، ومن المفترض أن مجلس النواب مؤسسة مستقلة، إذ لا يوجد حزب للحكومة، والهيئة أيضا مستقلة، غير أن الاثنين يعتبران أنفسهما حراسا على النظام، ولا نتصور أن النظام يرغب في تكميم الأفواه.. على الأقل تصريحات الرئيس عكس ما يقول به "كرم" و"أسامة".

النقابة باعتبارها بيت الصحفيين سجلت ملاحظاتها على القوانين، غير أن "أسامة هيكل" رد بعصبية، مؤكدا أنه لم يتلق ملاحظات، وملاحظات النقيب ومجلسه مسجلة في أوراق رسمية.. "كرم" أيضا لم يكن هادئا في النقاش حتى جاءت ملاحظات لجنة الفتوى والتشريع، التي أصلت لملاحظات النقيب وشيوخ المهنة، وأكدت وجود شبهة عدم دستورية، وهو ما أعاد "أسامة" ليؤكد أنه ولجنته سيناقشان على إثر ذلك الأمر بجدية.

آفة القوم أن المقاعد عندما تتغير تتغير معها وجهات النظر، ويصبح "الكرسي" هو الشغل الشاغل.. هذه المرة لم يكن موجودا في معركة القانون المشبوه.. "إبراهيم نافع" الذي كان محسوبا على الحكومة إلا أنه ظل ممسكا بزمام الأمور صوب الحرية ومعها، وقاتل مع زملائه وخاض حربا شرسة في التفاوض مع النظام ساعتها، حتى نجحنا في إسقاط القانون.

يخطئ من يتصور أن التاريخ مجرد سطر سيصبح منسيا، التاريخ لا يزال يحتفظ لـ"إبراهيم نافع" بصورة ذهنية عظيمة.. رحل الرجل عن عالمنا، ولكن تاريخه المشرف لايزال حديث من حضروا، ومن قرأوا، ومن تابعوا، الشجاعة هي قول الحقيقة مهما كان موقعك، وليست الدفاع عن موقعك.. سيكتب التاريخ سطورا تعيش مع الأجيال القادمة، وحرية الصحافة ليست ترفا، وليست حقلا للصحفى باعتبار على رأسه ريشة.. إنها حق الوطن والمواطن.
الجريدة الرسمية