الشهداء الأحياء.. أحد مفاتيح النصر !!
منذ بدء الحرب الكونية على سورية وهناك سؤال يلوح في أذهان كل المتابعين وهو كيف سيتعامل الجيش العربي السورى مع هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية؟ والتي أحضرها العدو الأمريكى –الصهيونى للأرض العربية السورية من كل أصقاع الأرض، لتحارب بالوكالة عن مشروعه التقسيمي والتفتيتي، بهدف القضاء على المشروع القومى العروبي المقاوم، والذي تشكل فيه الجمهورية العربية السورية حجر الزاوية باعتبارها آخر معاقله والحاضنة الرئيسية الداعمة له.
وبالطبع السؤال يستحق التأمل فكل ما نعرفه ونعلمه عن مثل هذه الحروب ليست في صالح الجيش العربي السورى، فمثل هذه الحروب والتي يطلق عليها حروب الجيل الرابع تكون عبارة عن حرب عصابات وشوارع، وغالبا ما تكون عصية على الجيوش النظامية التي يتم اعدادها وتدريبها على المواجهات مع جيوش مماثلة، وبالتالى كل الخطط والتكتيكات والإستراتيجيات العسكرية التي تدرس في كافة الأكاديميات العسكرية في العالم لا تصلح في التعامل مع مثل هذا النوع من الحروب.
لذلك قرر العدو الأمريكى –الصهيونى أن تكون هذه النوعية من الحروب هي المتبعة في حربهم الكونية ضد سورية العربية، لأنها الوسيلة التي اعتقدوا أنها ستكون الأنسب والأسرع لإنجاز مخططهم التقسيمي والتفتيتي، وكانت تقديراتهم أن الجيش العربي السوري لن يصمد كثيرا وسوف ينهار أمام المجموعات التكفيرية الإرهابية التي تم تسليحها بأحدث المعدات الحربية ومدها بأجهزة الإتصالات الحديثة وتم ربطها بغرف عمليات حربية واستخباراتية متطورة للغاية، وبالفعل تمكنت هذه المجموعات من فرض سيطرتها على مساحات كبيرة من الجغرافية العربية السورية في بداية الحرب.
وهنا كانت الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة للعدو تعمل طوال الوقت مبشرة بقرب انهيار سورية وبالتالى تقسيمها وتفتيتها، وكان المؤمنين بالمشروع القومى العروبي المقاوم يشفقون على جيشهم من هذه الحرب لكنهم كانوا على ثقة بأن هذا الجيش لديه ما يقوله ويقوم به في مواجهة هذه العصابات التكفيرية المسلحة، فهذا الجيش العقائدى لن يقبل بالهزيمة، على الرغم من علمهم بصعوبة المعركة، خاصة وأن الجيش الأمريكى ذاته هزم في مثل هذه الحروب أكثر من مرة بدءً من فيتنام مرورا بأفغانستان وصولا للعراق.
وبالفعل نجح الجيش العربي السورى في الصمود أولا، ومع مرور الوقت تمكن من إيقاف تقدم الجماعات التكفيرية المسلحة على الأرض ومحاصراتها، ثم بدأ بعد ذلك في تحقيق الانتصارات واستعادة الأرض المحتلة، حتى أصبح مسيطرا الآن وبعد انتصارات الجنوب واسترداد درعا على غالبية الجغرافيا العربية السورية باستثناء بعض البؤر التي سيتم استئصالها حتما خلال الأيام القادمة سواء بالمفاوضات أو عبر المواجهة المباشرة مع قوات جيشنا الباسل.
وأحدثت تلك الانتصارات المدوية للجيش العربي السورى ذعرا لدى العدو الأمريكى – الصهيونى من جهة وحلفائه الإقليميين من جهة أخرى، وهنا عاد السؤال يلوح من جديد في أذهان كل المتابعين سواء كانوا من الأعداء أو الأصدقاء كيف نجح الجيش العربي السورى في التعامل مع مثل هذا النوع الجديد من الحروب؟ وكيف انتصر فيما هزم فيه الجيش الأمريكى بقدراته وإمكاناته اللا محدودة؟
وهنا يجب الوقوف والتأمل طويلا حول تفاصيل معارك التحرير لأنها ستكشف الكثير من أسرار النصر ومفاتيحه، ويمكننى الآن كشف أحد أسرار ذلك الانتصار عبر ما تمكنت من رصده خلال متابعتى اليومية وعلى مدار الساعة طوال سنوات الحرب، وأيضا عبر الزيارات المنتظمة لسورية، واللقاءات مع بعض القادة الميدانيين.
فأثناء زيارتى الأخيرة لسورية كانت معركة درعا على أشدها وتسير بخطى متسارعة يحقق فيها الجيش العربي السورى انتصارات لا تستطيع وسائل الإعلام ملاحقاتها، فالانتصارات كانت أسرع من نقل الخبر، وكان من حسن حظى اللقاء بأحد أهم القادة الميدانيين لمجموعات العميد سهيل الحسن (النمر) القائد العسكري العظيم الذي حفر اسمه بحروف من نور في تاريخ العسكرية ليست السورية فقط ولا حتى العربية بل العالمية.
فما حققه ذلك القائد العسكري من تحرير للمدن السورية من براثن المجموعات التكفيرية الإرهابية جعله أيقونة النصر للجيش العربي السوري، وعندما تقترب من قواته تشعر بمدى إيمانهم بقائدهم الذي زرع بداخلهم روح الانتماء والولاء للوطن هذا إلى جانب حتمية النصر.
ومن خلال هذا القائد الميدانى داخل مجموعات (النمر) اكتشفت ذلك الحجم الكبير لمجموعات الدفاع الوطنى داخل الصفوف المقاتلة والتي انضمت للحرب بجوار القوات النظامية وحققت انتصارات وبطولات، يشهد بها الجميع، فهذا القائد الميدانى يلقب بالشهيد الحى فقد أصيب تسع إصابات مميتة خلال المعارك المختلفة، ورغم ذلك يرفض التقاعد ويعود لأرض المعركة قبل أن يتم شفائه، لدرجة وصلت إلى أن نسبة العجز لديه تقدر بمائة وخمسة وثلاثين بالمائة ورغم ذلك ما زال مُصرا على الاستمرار في الحرب وعدم التقاعد.
وهذا النموذج ليس وحيدا أو فريدا فمثله الكثيرون فالشهداء الأحياء الذين ما زالوا مُصرين على الاستمرار حتى نهاية الحرب وتحقيق الانتصار هم أحد أهم مفاتيح نصر سورية في هذه الحرب الكونية، خاصة وأن هؤلاء الشهداء الأحياء لم يكن أغلبهم من قوات الجيش النظامية لكنهم مواطنون سوريون عاديون، وجدوا أنه من الواجب عليهم الانضمام للجيش للقتال بجواره فكان لهم ما أرادوا، حيث تم احتضانهم بواسطة قوات الجيش وتم تدريبهم وخوض المعارك الشرسة بهم، فحاربوا الجماعات التكفيرية الإرهابية داخل الشوارع بنفس أساليبهم القتالية لكن بإيمان مختلف فتحقق النصر، اللهم بلغت اللهم فاشهد.