الجويني: الأوليمبي نادي القرن !
في هدوء رحل أحد نبلاء الرياضة المصرية، العميد إبراهيم الجوينى، هو اللاعب الدولى، والحكم الدولى، المعلق المتميز، ورئيس نادي الأوليمبي، ورئيس اتحاد الكرة، وغير ذلك الكثير، ولكن الويل كل الويل لمن لا ينتمى للقطبين الأهلي والزمالك، فالدنيا تجرى وراء كل من ينتمى لهما وتعطى ظهرها للآخرين، إذا أحرز لاعب منهما هدفا بالحظ صار نجما في اليوم التالى في كل وسائل الاعلام وأصبح ضيفا في كل البرامج الرياضية والسياسية والتهريجية..إلخ..
ولكن أحرز وتألق في المحافل الدولية من خارجهما فلا اهتمام ولا أي اعتبار، أذكر هنا أن أحد اللاعبين انضم للأهلي وسجل عدة أهداف فاصبح النجم الذي لم يحدث في التاريخ، وفى التليفزيون في حوار معه قال: لقد سجلت مثل هذه الأهداف كثيرا وأجمل منها وأنا ألعب في الترسانة ولكن لم يكتب عنى أحد أما الآن فالإعلام يهتم لأنى أرتدى فانلة الأهلي!
وأذكر في عام 2006 وتألق كرم جابر في الأولمبياد، قرر صديقى أن يكون غلاف المجلة كرم جابر وهو على منصة التتويج، فإذا بالعدد الذي به مشكلة إسلام الشاطر مع الأهلي والزمالك يبيع أضعاف العدد الذي تصدره صورة البطل الأوليمبي الذي أذهل العالم! أعود للقول الويل كل الويل لمن لا يرتدى أحد الفانلتين الحمراء والبيضاء ذات الخطين الأحمرين!
ومع كل ما سبق إلا أن هناك نماذج فرضت نفسها على الساحة الرياضية بكل قوة، على رأس هؤلاء العميد إبراهيم الجوينى لاعب الأوليمبي، والحكم الدولى، والمعلق المتميز المحايد الوحيد، رئيس نادي الأوليمبي، رئيس اتحاد الكرة ومناصب أخرى كثيرة، وبالاقتراب أكثر من هذا النموذج النبيل في عالم الرياضة التي يندر فيه النبلاء، عندما اقتحم عالم التعليق على مباريات الكرة كان نجوم التعليق الرائد محمد لطيف، وعلى زيوار وحسين مدكور وعلاء الحامولى وغيره ممن لم يتركوا بصمة في تاريخ التعليق الكروى، يومها لم يقلد أحدا، بنبرته المميزة وبأسلوبه تساءلنا من هذا الصوت الجديد المميز؟
فأصبح معروفا للجميع بتميزه وليس هذا فقط بحياده التام،حتى أصبح بعد ذلك المعلق الأساسى لمباريات القطبين الأهلي والزمالك لضمان الحياد، وكان من أبرز ملامح نجاحه تألقه في التعليق على بطولة العالم في إيطاليا 1990، والتي كان من حسن الحظ اشتراك ابناء النيل بقيادة الجوهرى فيها!
بعد خروجنا من نهائيات الأمم الأفريقية 1988 التى أقيمت في المغرب من الدور الأول تم حل اتحاد الكرة وتم تعيين اتحاد من نجوم الكرة السابقين، أحمد بهاء حارس الترسانة الدولى، هشام عزمى، عصام عبدالمنعم، سمير زاهر، السياجى، عادل الجزار نجم نادي المصرى ومنتخب مصر وغيرهم لا تسعنى الذاكرة على تذكرهم ولكن هؤلاء كانوا عديمى الخبرة الإدارية، هم نجوم فقط مارسوا الكرة..
وكان د. عبد الأحد جمال الدين ذكيا عندما اختار شخصية يجمع عليها الوسط الرياضي بكل صفات الرياضى والإداري الناجح، وكان العميد إبراهيم الجوينى رئيس نادي الأوليمبي، وكانت فترته القصيرة متميزة من أبرزها تعيين محمود الجوهرى للمنتخب الذي وصل بعد ذلك لنهائيات بطولة العالم في إيطاليا 90، وهنا أذكر أمرين: الأول لعدم وجود خبرة لدى الأعضاء كانت الاجتماعات تمتد بالساعات تصل أحيانا سبع أو ثمان ساعات، وعندما سألت المهندس صادق عبدالمنعم الإداري بالاتحاد ابتسم وقال: الكابتن الجوينى بيعلم ألف باء إدارة للأعضاء ربنا يكون في عونه!
الموقف الثانى الذي لا يمكن أن أنساه عندما ذهبت إلى اتحاد الكرة لإجراء حوار معه بصفته رئيسا لاتحاد الكرة المؤقت -(1988)، وكانت المفاجأة أن أجده يبيت في مقر الاتحاد في حجرة 3 أمتار في مترين ونصف! رئيس اتحاد الكرة المصرى يبيت في حجرة بالكاد فيها سرير وترابيزة صغيرة ! أي نموذج هذا من النبل والتواضع هذا الإنسان!
وللعميد إبراهيم الجوينى رأى له منطق فهو يرى أن النادي الأوليمبي هو نادي القرن في أفريقيا، والسبب هو العطاء الأوليمبي لمصر، فهو النادي الأول والوحيد على مستوى جميع الألعاب باستثناء كرة القدم، فقد حقق أبطاله على أهم الإنجازات الأوليمبية -دورة الألعاب الأوليمبية - فقد حصد أبناء النادي 9 ميداليات منهم خمسة ذهب، وهو الرقم الذي لم يحققه ناد مصرى أو إفريقى..
المرافقة المثيرة ويتجاهلها الإعلام، أن نادي القمة والإمكانيات والجماهيرية ومساندة الدولة والإعلام الأهلي والزمالك لم يحققا ميدالية واحدة أوليمبية لمصر! وبالرغم من أن الأوليمبى هو محدود الإمكانيات رفع اسم مصر عالميا.
هل نستطيع أن نجعل هذا النموذج قدوة لأولادنا وأحفادنا خاصة في المجال الرياضى في زمن ندر فيه النموذج الرياضى النبيل.. رحم الله العميد إبراهيم الجوينى وأسكنه فسيح جناته!