ألبوم العائلة
راقتنى الفكرة عندما استحدثت إحدى بنات أعمامى مجموعة عبر «فيس بوك» تتكون من عضوية أبناء العائلة، سواء من انتهى نسبه مباشرا إلى اسم الجد الأكبر المؤسس، أو من كان ينتسب إليها من قبل الام، أو من انتمى إليها واقعيا بحكم النسب والعشرة.
أتت الفكرة على وقع الاحتياج للترابط، والعزوة واللمة، إحساس الدفء، التواصل المستمر مع كل من انتمى إلى هذه العائلة، فمنهم من اختطفهم الموت، نفتقدهم، فنسترجع صورهم ومواقفهم، نتذكر كلماتهم، نسترسل في ذكر حكايات أيام الطفولة والصبا والشباب، نستدعى أيامهم ومآثرهم، بعد أن سبقونا إلى واحتهم الأخرى والآخرة.
وفى نفس الوقت نعيش على إحساس الرغبة في التواصل مع الأحياء، مع كل من شغله حاله وذهبت به دنياه إلى طريق النسيان، وأصبحت تلك الأزرار الإلكترونية، هي المعبر الدائم والوحيد نحو التواصل الفعال بين أبناء العمومة والقرابة والدم.
حقيقة، لا يقدر بثمن وجود نعمة «العزوة» والعائلة في حياة كل منا، خصوصًا أن هناك من يفتقدون وجودها، يعيشون بمفردهم، فيشعرون بالنواقص، يفتقدون سقفا يحميهم، حائطا يسندهم، يفتقدون حبا وحنانا؛ يحتاجون من يشاطرهم المرض والحزن، ويظل إحساس الغربة متعمقًا في وقلوبهم.
أحاول ولا زلت مجتهدا أن أصل أرحامى، فأتلمس رائحة أبي وأمى في كل من يمت لهما بصلة قرابة أو نسب أو صداقة، استنشق رحيق «العزوة» في لمة العائلة.
هلا حاولنا أن تتحول حياتنا فيما بعد، برا وصلة بمن يشتركون معنا في حروف الاسم الأخير، بكل من صاهرنا وناسبنا، نستمتع بلحظاتنا السعيدة معا، نلحق بمراكب الود سريعا، قبل أن نتحول قريبا، بلا مفر، إلى مجموعة من الصور بين دفتى البوم يكتب تحت أسفل كل منها اسمه «فلان ابن فلان ابن فلان».
يقول رب العزة في محكم آيات التنزيل العزيز في سورة طه «وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35)».
الأهل كلمة تساوى السند والمدد والعون في وقت الأزمات والكروب والشدائد، وأيضا وقت السعادة. وكما يقول المثل: «أهلك لا تهلك».