رئيس التحرير
عصام كامل

سعيد صادق: مصر بالمرتبة الـ136 بـ«الدول الهشة» وموظفيها «لا شغلة ولا مشغلة»

فيتو

انتقد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، ما وصفه بغرق أجهزة الدولة في الروتين والبيروقراطية، مشيرا إلى أن الحكومة لم تقم بما عليها في تدريب موظفيها أو تجديد الدماء داخل المصالح الحكومية.


وشدد في الوقت نفسه على أن أغلب الموظفين يتعاملون مع طالبي الخدمة من المواطنين بشكل لا يليق، وكل ما يعنيهم كيف يحصلون منهم على أموال بطرق غير قانونية لتخليص الخدمة.

وأكد أن مصر تعاني مشكلة اقتصادية، كما أن مؤشرها ضعيف، مضيفًا أن الفترة الماضية الوضع الاقتصادي لمصر لم يتحسن بل ازداد سوءًا على سوء، وذلك بسبب أننا ندير الأمور بنفس الطريقة القديمة، ولا نريد أن نطور آلياتنا ولا نفكر خارج الصندوق.

وأضاف: "بعض المصريين أصبحوا لا يثقون في أجهزة الدولة بسبب تفشي البيروقراطية، فعقليات الموظفين ما زالت كما هي، ولا يوجد أي مواكبة للتطور أو التقدم، والمصريون قاموا بثورتين، ولم يقوموا بثورات على أنفسهم ولا على طريقة تفكيرهم في المستقبل ولا على طريقة تربيتهم لأبنائهم".

وأوضح "صادق" أن المواطن المصري نفسه لا يريد التغيير، وبالتالي لن نصبح دولة مؤسسات والتي تعني استقلال سلطة الدولة عن شخص الحاكم، وأن تقوم على مبدأ تساوي المواطنين جميعًا في الحقوق والواجبات أمام القانون، وفيما بينهم مجتمعين مع الحكام، وأن تنشا السلطات فيها وفقًا لقواعد قانونية.

وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية إلى أن الجهاز الإداري في الدولة غارق في البيروقراطية والمركزية، لافتًا إلى أن خطأ ذلك يقع جزء منه على الحكومة والجزء الآخر على الموظفين الذين اعتادوا الجلوس على المكاتب بدون "لا شغلة ولا مشغلة"، فخطأ الحكومة يتمثل في عدم التوجيه والتدريب باستمرار، وضخ الدماء الجديدة والتشجيع، وإرسال البعثات لاكتساب الخبرات من الدول الأجنبية، كما كان يحدث في الماضي.

وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تضغط وبلا هوادة على المواطنين، والطبقة الوسطى أصبحت كالغريق الذي يتعلق بالقشة في وسط المحيط، والكل مشغول بتدبير قوت يومه، متابعا: "رغم كل ذلك فإن مصر دولة قوية وقادرة على التغيير، فمصر ليست دولة صغيرة ولا ضعيفة ولا قليلة الحيلة ولا محدودة التأثير، بل هي تستطيع التغيير لو أرادت، وأن تعيد تشكيل الموازين".


وأضاف أن هناك 178 دولة بمؤشر الدول الهشة، وتقع مصر في المرتبة الـ136، مؤكدًا أن ذلك يعد مأساة وطامة كبرى، متابعًا: "لا أدري لماذا لا نعي ذلك ونتحرك وننتشل أنفسنا من القاع"، فضلًا عن ترتيبنا الـ161 بمؤشر حرية الإعلام.

وتابع: "ما زلنا نعاني حتى الآن من عدم وجود قاعدة بيانات تشمل كل الفئات مما يهدر على الدولة أموالًا طائلة، بسبب وصول الدعم لغير مستحقيه، وذلك تفصيلًا وليس إجمالًا، فكم من حكومة أتت ونادت أنه ليس هناك قاعدة بيانات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا توجد قاعدة بيانات واضحة حتى الآن؟! ولماذا دائمًا نشجب ونلقي باللوم على سابقينا دون أن نأخذ خطوة للأمام أو نفعل شيئا لأولادنا ولأحفادنا في المستقبل، بل إن الموظف يتعامل مع المواطن طالب الخدمة بمبدأ "اللي اطّلعه من جيبه كله فايدة".

وأشار صادق إلى أنه حتى الآن الحكومة لا تُشرك المواطن في عملية الإصلاح، وما زالت هناك فجوة وهوة كبيرة بين المواطن والحكومة، وهناك قوانين تُصدر "لدلع" فئة من الشعب، وإرهاق فئة أخرى، مؤكدًا أن مصر من المفترض أن تكون دولة مؤسسات، لأنها بلد ليست فقيرة، بسبب ما تمتلكه من موارد طبيعية، وآثار ضخمة لم نحافظ عليها، فضلًا عن قوة الأيدي العاملة والتي لا نجيد استغلالها حتى الآن.

وتابع:" بالرغم من أن جميع الدول المتقدمة اعتمدت في تقدمها على الأيدي العاملة، فإننا لا نجيد استخدام ما يتوافر لدينا من موارد، وأضاف أن هناك سوء توزيع للثروة في بلادنا، والبيانات متوفرة والتي توضح الخلل الكبير والفادح في توزيع الدخول خاصة بعد موجة الإصلاح الاقتصادي، والتي عصفت بالطبقة الوسطى في المجتمع، وطالب أستاذ علم الاجتماع السياسي بتبني مشروع قومي، والاهتمام برفع شأن الفقراء والتخطيط للمستقبل وتمكين الشباب الواعد، فضلًا عن الاهتمام بتدريب الموظفين وثقلهم بكامل المعرفة حتى يتم مسايرة ركب التطور والتقدم".

الجريدة الرسمية