رئيس التحرير
عصام كامل

«اتحاد»... دولة داخل الدولة


عاد الفرعون المصري محمد صلاح لصدارة المانشيتات، بالتزامن مع استئنافه التغريد بعد توقف بضعة أيام إثر صدمة "صفر المونديال". أكرم الله لاعبنا الفذ صلاح بعقد طويل الأمد مع ناديه الحالي "ليفربول" يحصنه من إغراءات أكبر أندية أوروبا الساعية للاستفادة من جهده وموهبته.


واعتبر مدربه الألماني يورغن كلوب أن "الصفقة مكافاة لجهود الفرعون المصري بعد أن أدى وساهم بشكل رائع مع فريق ليفربول الموسم الماضي".. وقبل توقيع العقد الجديد مع صلاح قال كلوب: " أعتبر صلاح ابني ولن أتخلى عنه في ظل سوء حالته النفسية، لاستغلاله سياسيا بموافقة اتحاد الكرة المصري، وسنعمل على معالجته نفسيا في إنجلترا وتجهيزه للموسم الجديد".

ولم يكتف مدرب "ليفربول" بذلك في دعمه "مو صلاح"، بل شارك في حملة "الشماتة المصرية" من دموع راموس عقب خسارة منتخب إسبانيا بضربات الترجيح أمام روسيا وخروجه المبكر من المونديال، فانفجر "تويتر" تغريدا فرحة وشماتة في راموس الذي تعمد إصابة صلاح وسخر من دموعه في نهائي دوري أبطال أوروبا.

دموع راموس، دفعت كلوب مدرب صلاح، للمشاركة بتغريدة موجزة نالت نحو 50 ألف إعجاب، حيث كتب: "أشعر بالألم.. العاقبة الأخلاقية". أما صلاح الذي عاد إلى "تويتر" فاكتفى بتغريدة غامضة "البعض يعتقد أن الأمر انتهى، لكنه لم ينته، يوجد ضرورة لإحداث تغييرات".

تغريدة صلاح تحمل أكثر من تفسير، خصوصا في ظل ما تردد عن رغبته باعتزال اللعب الدولي مع المنتخب المصري، لإحساسه بأن رئيس الشيشان رمضان قديروف استغله سياسيا، دون أن يحرك اتحاد الكرة ساكنا لتحسين صورة قديروف، ويدعم هذا التفسير عدم مقدرة رئيس اتحاد الكرة هاني أبو ريدة على الرد بهذا الخصوص في المؤتمر الصحفي، مشيرا إلى "صعوبة رفض دعوة الرئيس الشيشاني على حفل العشاء"!.

كما لم يتطرق إلى تصرفات قديروف مع صلاح أمام الجمهور الشيشاني والاحتفاء به بشكل يثير الريبة، أدى إلى خسارة صلاح 10 ملايين دولار بعد أن تراجعت شركة ملابس رياضية عالمية عن اتفاقها معه لوضع صورته على لافتات لأبرز الشخصيات الرياضية، مقابل 10 ملايين دولار لكن بمجرد تكريمه من رئيس الشيشان ومنحة المواطنة الشرفية ألغت الشركة العقد مع صلاح.

ما حدث مع صلاح يحيلنا إلى مهزلة مؤتمر رئيس اتحاد الكرة أبو ريدة، إذ كان يفترض بعد فضيحة صفر المونديال أن يتقدم الاتحاد باستقالته تحملا لمسئولية المستوى المتردي الذي بدا عليه المنتخب، وما رافق المعسكر من فضائح لم تحدث في منتخب آخر، لكنه تحدى 100 مليون مصري رافضا الاستقالة وقال "أن وصول مصر لكأس العالم بعد 28 عاما إنجاز يحسب للاتحاد ولن نستقيل"!.. وكأن أبو ريدة يريد إثبات أن لا أحد بمقدوره إزاحتهم من مناصبهم أي أنهم أصبحوا "دولة داخل الدولة"!!.. بدليل أن الحكومة لم تتحرك حتى الآن ولم نسمع صوت وزير الرياضة الغائب عن المشهد وكأن الأمر لا يعنيه!!.

مؤتمر الفضائح أكد ضرورة تغيير تركيبة الاتحاد كله وتغيير منظومة الرياضة، فما قاله أبو ريدة "لا يسمن ولا يغني من جوع".. تحدث نعم، لكنه لم يكشف شيئا، بل تحدى الشعب بأن الاتحاد "قاعد على قلوبنا"!!.

اعترف أبو ريدة بأنه عرض عليهم أكثر من مدينة لمعسكر وإقامة المنتخب، لكن لماذا اختاروا جروزي الشيشانية دون غيرها؟.. لم يقل أكثر من أن "كرة القدم ليس لها علاقة بالاعتبارات الدينية والعرقية"!!.

أما فضائح اللاعبين، فقال عنها "عاقبت اللاعب سعد سمير بسبب الفعل الفاضح الذي ارتكبه خلال تدريب المنتخب في المونديال، وفضّلت عدم إعلان العقوبة للحفاظ على تركيز اللاعبين في المعسكر".. وأيضا لم يقل ما هو العقاب؟!..

ثم عن أي تركيز يتحدث أبو ريدة والفيديوهات كانت تصور يوميا في غرف نوم اللاعبين لصالح برامج إحدى الفضائيات وترسل لأصحاب البرامج، فضلا عن أن أحد اللاعبين وهو معروف للجميع، تولى مهمة الاتفاق مع زملائه على تفاصيل التصوير لصالح فضائية عربية في وقت يفترض فيه أنهم نيام!!.. الحقيقة أنه قال عن هذه النقطة تحديدا أن هناك "عقوبة مغلظة ربما تصل للحرمان من تمثيل المنتخب مستقبلا، وأن مدير المنتخب جمع اللاعبين في الفندق وأبلغهم بالعقوبات".. لكن ما هي العقوبات ومن هم اللاعبين.. أيضا لم يصرح!!.

عجز أبو ريدة عن تبرير الإخفاق المهين وحمل المسئولية للمدرب كوبر، رغم أنه اختيار الاتحاد بالأساس، ودافع عن تواجد أحد رجال الأعمال في تدريب المنتخب، لأنه "ليس غريبا علينا"، كما تبادل الألفاظ الخارجة في المؤتمر مع مجدي عبد الغني، وغيرها الكثير من مآخذ تثبت دقة تغريدة صلاح "البعض يعتقد أن الأمر انتهى، لكنه لم ينته، يوجد ضرورة لإحداث تغييرات".
الجريدة الرسمية