انتبهوا أيها السادة قبل بيع الأهلي والزمالك !
في السبعينيات من القرن الماضى، تعالت أصوات بضرورة الفصل بين النشاط الرياضى والنشاط الاجتماعى في الأندية، خاصة الأندية التي أنشئت خصيصا لممارسة الرياضة مثل الأهلي والزمالك والإسماعيلي والاتحاد والترسانة، وهى الأندية التي يطلق عليها الأندية الشعبية، ولم يكن غريبا في ستينيات القرن الماضى والسبعينيات أيضا أن تجد في ربوع مصر جماهير تعشق الترسانة أو الإسماعيلي أو الاتحاد بخلاف الأهلي والزمالك..
تعالت هذه الأصوات بضرورة الفصل لأسباب عديدة، منها تزايد النشاط الاجتماعى في الأندية، وبدء تغير اهتمامات أعضاء الأندية التي تزايدت بعد ضم أعضاء من الشركات والمصانع والهيئات لدعم الأندية، بعد نكسة 67، الأمر الأهم جعل اختيار مجالس الإدارات بالانتخابات وليس بالتعيين كما كان قبل عام 1970، وبدأت الانتخابات في عام 1974..
وبالتالى حدث أن اختيار مجالس الإدارات كان يتوقف على الخدمات التي يقدمها مجلس الإدارة، أو العضو المرشح لعضو لأعضاء الجمعية العمومية، وليس للفرق الرياضية التي يعشقها الملايين، وهي ربما لم تكن تعرف شكل النادي، وربما لم تر يوما مجلس إدارته إلا في المقصورة، ولكنها تعشق فانلة ناديها عشقا أحيانا يصل إلى الجنون، وكان الشعار المهم والمؤثر لدرجة تلهب حماس اللاعبين عندما يقال لهم لابد من "اللعب بروح الفانلة"..!
وبمرور الوقت تجاهل الجميع هذا الأمر، وأصبح للأندية فروع عدة في أكثر من مكان، والدولة تتفرج بل وتساعد على هذا التوسع غير المنطقى، لأن هذه الفروع لم تساهم في زيادة الممارسين للرياضة، بل وليس من أهدافها هذا، لم تساهم إلا في زيادة عدد الأعضاء، وزيادة الأموال الطائلة لخزينة النادي، وأصبح هناك صراع لرفع قيمة الاشتراك، لدرجة أنه اقترب من النصف مليون في بعض الأندية، وأصبح الأمر تجارة وشطارة وما خفى وراءها أعظم.
هل الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصرى..إلخ من الأندية الشعبية ملك عدة آلاف أم الأعضاء!؟
بالتأكيد هذه الأندية هي أندية رياضية في الأساس وجماهيريتها التي تكونت على مدار السنين، تجاوزت المائة عام في بعضها، فكيف يسيطر عليها عدة آلاف من الأعضاء!؟ الجماهير التي تسافر مع الفرق في كل مكان وتصرف أحيانا من قوت أولادها من أجل تشجيع ناديها التي تشجعه، ومن أجل فوز فريقها يسعدها، هؤلاء هم أصحاب الأندية الشعبية!
في نهاية السبعينايت كنت أعمل محررا بمجلة الزمالك، وفى جلسة مع الخال فهمى عمر الإعلامي الرائد أطال الله عمره قال: لماذا لا يكون في المجلة باب لبراعم النادي، توضع فيه صور الأطفال الذين يملأؤن النادي لتكون ذكرى جميلة لهم عندما يكبرون! حملت الفكرة إلى الأستاذ مرسي عطاالله رئيس التحرير فقال: لسنا مجلة حائط ولكن مجلتنا للزملكاوى الموجود في أسوان ومرسي مطروح والموجود في الدول العربية، للزملكاوى الذي يتمنى أن يرى حسن شحاتة أو فاروق جعفر ولو من بعيد وهو يدخل النادي، ومن أجل ذلك يمكن أن يقف ساعات، النادي ده ملك الجماهير الملايين الذين ربما لا يعرفون مكانه ولا اسم رئيسه!
والسؤال: لماذا لا نتعلم من تجارب الآخرين!؟ هل هناك من يتعمد أن يجعلنا "محلك سر".!؟ هل نحن نفتقد القدرة على الاستفادة والتعلم !؟ أم أن هناك لوبى أو عصابات تشبه عصابات المافيا تسيطر على كل شىء!؟ على سبيل المثال، أقرب الفرق العالمية وربما أنجحها عالميا، ريـال مدريد وبرشلونة، كلاهما على اسم المدينة التي مقره بها، برشلونة نسبة إلى إقليم برشلونة..
ترى كم لعبة في هذين الناديين؟ ترى كم فرع لهذه الأندية!؟ باختصار هذه الأندية رياضية وأيضا استثمارية، ولا تملك إلا سوى عدة ألعاب لا يزيد على ستة ألعاب، ولا تنتظر دعما من وزارة الشباب، رئيس النادي منتخب من الجمعية العمومية التي تعتبر المساهمين في رأسمال النادي -الشركة- لا علاقة بالدولة بها، كنا في منتصف السبعينيات نفكر في تطبيق هذا في مصر، أن يكون هناك أندية متخصصة رياضيا وأندية اجتماعية، وكانت المشكلة الأندية الكبرى الأهلي والزمالك، وكان الاقتراح الفصل بين إدارة محترفة رياضيا وأخرى إدارة للعمل الاجتماعى بالنادي!
الذي جعلنى أتذكر هذا أمران، الأول عندما أطلقت الدولة للأندية يدها في إعداد لوائحها الداخلية وقدمت لوائح استرشادية دون فكر أو رؤية، واعتبرت هذا شيئا رائعا، والواقع كان شيئا دون المستوى، وأفرز لوائح هزيلة، والغريب لم تفكر إدارة أي نادي في أن تفصل بين العمل الرياضى المحترف والعمل الاجتماعى للأعضاء!
وعندما سألت أحد القيادات عن سبب تجاهل الفصل قال: إنها المصالح والاستفادة من وراء استمرار الوضع.. وستزيد المصالح بإقامة فروع جديدة وما خفى سيكون اسوأ!
الأمر الثانى أن مستثمرين عرب اشتروا نادي الأسيوطى، واطلقوا عليه اسم الاهرامات -ترجمة بيراميذا الأهرامات وليس الأهرام - وتم دفع الملايين من الدولارات ببذخ غير عادى، ولا أعرف أين الدولة؟!
لابد من معايير وضوابط وإلا ربما نفاجأ بعرض الأهلي والزمالك للبيع والمشترى...!
انتبهوا أيها السادة! وتحيا مصر!