رئيس التحرير
عصام كامل

هذه هي الديمقراطية الحقيقية!


إحقاقًا للحق فإن حكومة د.مصطفى مدبولي لا تتحمل وحدها مسئولية تراكم المشاعر السلبية للمواطن تجاه الحكومات السابقة التي تركت المشكلات الاقتصادية تتراكم حتى صارت تلًا من الاختلالات، والتي انفجرت في وجه الحكومة الحالية؛ ذلك أن تلك الحكومات عجزت عن اتخاذ قرارات اقتصادية صحيحة في وقتها المناسب حتى توحشت الآثار الجانبية للمرض الاقتصادي، وبات الدواء المر أمرًا لا فكاك منه، يتجرعه المواطن بغير استعداد ولا حتى إلمام بدواعيه ولا متى يتعافي منه.


على الحكومة الحالية أن تدرك أن هناك حلقة اتصال مفقودة بينها وبين الشعب، وثقة لن تعود بينهما إلا إذا اقتربت هي منه بإجراءات يلمسها ويستشعر أثرها الإيجابي في حياته اليومية، المواطن لا يريد من حكومته سوي أن تعامله باحترام كما تعامل كبار المسئولين.. فتهتم بشكاواه وتستمع لمطالبه وتلبي طموحاته وتزيل متاعبه؛ فإذا شكا مثلًا من انقطاع المياه أو الكهرباء أو سوء خدمات المحمول تسارع بحل المشكلة، وإذا حفرت الأجهزة الحكومية حفرة أمام منزله بادرت برصفها ولا تتركها شهورا، أو تتركه يضرب أخماسًا في أسداس..

وإذا تراكمت القمامة أمام منزله سارعت بجمعها، وحرصت على نظافة الشوارع وتطهيرها بصفة مستمرة.

الديمقراطية الحقيقية ليست في كثرة الأحزاب ولا المجالس المحلية ولا البرلمانات والانتخابات النزيهة فحسب، بل أن يشعر كل مواطن في البلد أن الدولة تحترمه، وتعلى صالحه وتوفر له حياة كريمة، وأن الحكومة ترعاه وتخدمه، وأن ما يسدده من ضرائب ورسوم يعود إليه في صورة خدمات آدمية في المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق والمرافق كلها.

آن الأوان أن ينتهي منطق استعلاء الذين يقدمون الخدمات للجمهور، وأن يتم إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها الأجهزة الخدمية مع أفراد الشعب، وميكنة كل الإجراءات الحكومية حتى يقل تدخل العنصر البشري، ويمتنع أو يقل الفساد والبيروقراطية والإهمال والبطء في الأداء والاستهتار بالناس وشكاواهم.. يجب أن يشعر كل من يقدم خدمة للجمهور من موظفي الحكومة أنهم خدم لهذا الجمهور، ولا يحق لهم أن يعبسوا في وجهه ولا أن ينهروه أو يضيقوا به ذرعًا.
الجريدة الرسمية