عن الرجل الذي قصم ظهر العدو!
رئيسان للجمهورية وثلاثة وزراء دفاع وثلاثة رؤساء أركان وعدة رؤساء لسلاح المهندسين تعاملوا مع اللواء باقي زكي يوسف منذ إعلانه عن فكرته وحتى تنفيذها بنجاح باهر فاق كل التوقعات !!
أربعة سنوات كاملة منذ بدء التجارب أثناء حرب الاستنزاف وتحديدا في سبتمبر 69 عندما أقر الزعيم عبد الناصر الفكرة إلى أبريل 73 عند اعتمادها نهائيا.. تم خلالها إجراء التدريب عليها وتكرارها 300 مرة ! نعم.. لا خطأ في الرقم.. 300 مرة بالتمام والكمال في 1200 يوم تقريبا أي بمعدل تجربة شاقة ومتعبة كل أربعة أيام !
تخيل نفسك صحفيا ورئيس التحرير يطلب منك أن تكتب خبرا أو تقريرا أو مقالا وتعيده 300 مرة؟!! أو تكون طبيبا ويطلب منك مدير المستشفى أن تعيد الكشف على أحد المرضى 300 مرة!! أو تكون مهندسا ويطلب منك صاحب الشركة أن تعيد الرسم الهندسي المطلوب 300 مرة!! أو تكون مدرسا ويطلب منك الموجه العام أن تعيد شرح درس ما لفصل ما 300 مرة!!
خلال أربعة سنوات عاش اللواء باقي زكي يوسف لإنجاز مهمته من منطقة إلى أخرى ومن الفيوم لقرب القناة ومن ساتر ترابي صناعي إلى آخر نحتته الطبيعة وكلها جهود تحتاج إلى وقت وإلى صحة وإلي أعصاب وإلي أسرة تركها وأطفال استأمنهم ربهم فحفظهم وحفظه!
ومع ذلك.. ورغم كل ذلك.. يظل أعظم ما في اللواء باقي هو تواضعه.. ظل أربعين عاما لا ينسب أي شيء لنفسه.. ولم يطلب شيئا لنفسه.. إذا سألوه أجاب حتى ظل فترة طويلة بعد الحرب لا يعرفه الكثيرون.. وإذا تحدث شرح ما جرى لكن ينسب النصر للجميع.. ولذلك نقف جميعا أمام أسطورة حقيقية لا مبالغة فيها.. هي خليط من الوطنية والذكاء والجسارة والجرأة والتحمل والصبر والتواضع وإنكار الذات وهي أصعب وأهم الصفات النادرة الآن على الإطلاق!
رحم الله قائدنا العسكري العظيم.. الذي رحل جسدا.. والذي له - ككثيرين - من اسمه نصيب.. باق اسما وسيرة.. فعلا ودورا.