عادل محمود.. رحمة من الله
يبدو أن وزارة التعليم العالى كانت منشغلة فيما انشغل فيه المصريون بكأس العالم وكوبر، وفريقه الذي رفع علم مصر ليس خفاقا في مونديال روسيا، وانشغال وزارة التعليم عن إقامة سرادق عزاء كبير بحرم الجامعة لاستقبال العزاء في العالم المصري العالمى الدكتور عادل محمود صاحب الأيادى البيضاء على الإنسانية كلها.. هذا الانشغال الكذاب للوزارة والدولة، جعلنا نأتى في المؤخرة بعد أن نعاه بيل جيتس بنفسه، واصفا إياه بالعالم المؤثر في الحياة العصرية.
الطبيب والعالم العالمى الكبير عادل محمود الذي وافته المنية منذ أكثر من أحد عشر يوما لم يكن منشغلا إلا بمعمله، ولم يكن من المؤمنين بالشللية، أو الظهور الطافح على وسائل الإعلام العفنة ببلادنا، فقد آثر الرجل أن يؤدى مهمته العلمية التي قدمت للبشرية لقاحات شافية لإنقاذ أطفال العالم ونساء الدنيا من أمراض فتاكة، جعلته إضاءة في سماء الدول التي تحترم العلماء دون أن يكون محظيا بين قومه وناسه.
العالمى عادل محمود فهم الحياة مبكرا، فإما أن تكون علامة للإنسانية، أو مجرد ومضة كاذبة في محيط كاذب.. اختار الأولى وعكف على قضاء حياته في معمله بالولايات المتحدة الأمريكية، وصنع الحياة لمن هددهم المرض الفتاك، وظل طوال عمره -٧٦ عاما- عالما جليلا لا يستهلك ذاته فيما أضاع علينا قيمة الحياة.. رحل الرجل ومن حوله عالم من العلماء والخبراء ينعونه بالدموع والشكر والعرفان.
رحل عادل محمود بعد أن قدم نفسه لكوكب الأرض رسولا للرحمة، ومرسالا للبهجة، وسببا خلقه الله للحياة.. تدبر.. فكر. . درس أسباب الحياة وأسباب الموت، فكان صاحب فضل بما منحه الله من عصارة عقل أنقذت ملايين الأطفال والنساء على مستوى العالم.. كان شأنه في ذلك شأن الإنسان المنتمي للعالم في حدوده الكبرى.. رحم الله العالم الجليل المتدبر في خلق الله وفي الكون، وأعاننا الله على دولة لا تعرف من أبنائها إلا نجوم الكرة وراقصات علب الليل.