كلام في البنزين
أكد لنا مصدر رسمى أن استمرار دعم المحروقات يعنى سقوط الدولة، لاستحالة الاستمرار على ذات المنهج، وقد كان المصدر محقا في عرضه، فالدعم لا يصل إلى مستحقيه ولن يصل حتى بعد تحرير سعر المحروقات، فالأصل في القضية هو المعلومات، ونحن دولة جاهلة بعلم الإحصاء، وليس لدينا بيانات حقيقية، وهو الأمر الذي سيزيد النار اشتعالا في الطبقة التي كانت قبل عامين متوسطة ولم تعد هكذا.
تحرير الأسعار مجرد إجراء لابد أن يقابله إجراءات أخرى أهمها خلق مناخ استثماري جاذب، وهو أمر لم يتحقق حتى تاريخه ولن يتحقق، ما بقيت ماكينة الحكومة على نفس النهج وبنفس المنطق وبذات الموظفين الذين يجثمون على صدر البلاد، ولم يستطع حتى الآن أن يقترب منهم أحد.
قلنا سابقا إن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزى عند موقعة تحرير سعر الصرف ما هي إلا مجرد إجراء إذا ما أردنا أن ينجح لابد وأن تقوم الجهات الأخرى بما يجب عليها أن تفعله، لا يزال المناخ الاستثمارى مهددا للغاية بعد أن سبقتنا دول أخرى في محيطنا، وأصبحت قبلة للمستثمرين المحليين قبل الأجانب.
عجلة التنمية لا تزال تقف في مكانها، ولذلك لن تكون الإجراءات التي نتخذها من تحرير لأسعار المحروقات هي السبيل إلى حل واقعى.. النتيجة أن المواطن لم يعد قادرا على الاحتمال أكثر من ذلك، فالمجتمعات لديها قدرة على الاحتمال مثل الحديد الذي يتحمل كثيرا ثم تصل درجة مرونته إلى الصفر.. ساعتها سينهار والناس في مصر تكاد تصل إلى هذه الدرجة، بعد أن فاض بهم الكيل.
المستثمر المحلى مطارد، والصانع المصري معاقب على جريمة التصنيع، ومن يرغب في تحسين أحواله لن يجد إلا الروتين أمامه، والنتيجة أن الأسعار أصبحت طوفانا لم نبن له سدا منيعا، والسد المنيع هو أن يتحول المجتمع إلى وحدة إنتاجية متكاملة.. الناس ترغب في خلق فرصة تجعلها قادرة على الاحتمال، والدولة للأسف الشديد تنظر إلى الإصلاح من زاوية واحدة لن تؤدي إلى النتائج المرجوة.
إذن تحرير الأسعار ليس هدفا، وإنما هو مجرد إجراء لابد وأن يتبعه إجراءات في العملية الإنتاجية التي تكاد تكون متوقفة تماما بسبب الروتين وضيق الأفق وعدم الاكتراث بما يمكن أن تؤول إليه الأمور!!