رئيس التحرير
عصام كامل

أوقفوا هذا العبث!


السؤال المحير حقًا: لماذا تهب حمّى المسلسلات في رمضان بالذات.. لماذا تحاول طمس هويتنا كمجتمع شرقي يحافظ على موروثه القيمي والأخلاقي.. ومن أين يجد الجمهور وقتًا ليتابع هذا الكم الهائل من المسلسلات التي تعرض على مدى اليوم، وما يتخللها من إعلانات متهافتة تشعل الغرائز وتخلق حالة احتقان لدى الفقراء وتهدد السلم الاجتماعي..


أما آن الأوان أن تتدخل الدولة ليس بالمنع والمصادرة بل بالإنتاج واختيار أعمال هادفة.. وماذا تنتظر وقد خلت كل هذه المسلسلات من عمل واحد يقدم حلًا جذريًا للإرهاب والتطرف.. بل على العكس أفرطت في عرض النقائص والسلبيات، وكأن قاسمها المشترك هو تدمير القدوة في عيون شبابنا.. ومثل ذلك عبث لا يمكن أن يحدث إلا في مصر التي لا يمكن لدولة أخرى أن تسمح بتشويه وعي أبنائها وصرفهم عن معركتهم الحقيقية مهما تكن الذرائع والمبررات!

ما يحدث عندنا يعطي انطباعًا بأن ثمة أيادي خفية تعبث بعقولنا، وهو ما يتطلب الإسراع بوضع إستراتيجية وطنية إعلامية وفنية ومواثيق شرف ضابطة لما يقدم من مسلسلات وبرامج، وأن تعود الدولة لإنتاج الأعمال الجاذبة الهادفة بحسبان الدراما أهم أدوات تشكيل الوعي والوجدان الشعبي والتي لا يصح تركها في أيدي العابثين أو المخططين لإفساده وجعله لقمة سائغة في أفواه المتربصين بمصر وشعبها.. كما لا يصح أن يكون الفن ولا سيما الدراما مجرد وسيلة للتربح أو أن يترك أمر صياغة العقل رهنًا لمنطق العرض والطلب وأن يتحكم الإعلام وصناعه في ذوق المشاهدين وثقافتهم.

تدخل الدولة فريضة لتصحيح المسار بخلق دراما جادة تحرض على التفكير والعمل والإنتاج وترشيد الاستهلاك والإبداع والمشاركة العامة؛ دراما تحض على مكارم الأخلاق والعلم ونبذ الخرافة والدجل والتواكل والسلبية والإسراف، وإنتاج برامج وأعمال فنية تقدم حلولًا عملية لمشكلات مجتمعية عميقة، وتنقل تجارب الأمل والنجاح للأجيال الجديدة..

وإذا كان الرئيس السيسي قد وضع قضية بناء الإنسان في صدارة أولوياته للفترة الثانية فعلى الدولة أن تبسط يدها لإنقاذ الفن والثقافة والتعليم من أيدي العابثين بأمن الوطن وتقديم البديل الهادف والداعم لهذا الوطن في معركته الكبرى للبقاء والبناء.. وهذا ملف لا يحتمل التأجيل أو التهاون.
الجريدة الرسمية