رئيس التحرير
عصام كامل

57357.. اتبرع ولو بجنيه ولكن!


قبل خمسة عشر عامًا جاءت حملة تبرع تابعة لمستشفى 57357 إلى فصلنا في المدرسة الإعدادية.. سعدنا جميعًا بالمشاركة في تجميع التبرعات.. وبعد سنوات أخرى كنت في جولة داخل أقسام مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال بالمجان انتهت بلقاء مع الدكتور شريف أبو النجا، مدير المستشفى، الذي شرح بعض جوانب العمل في هذا الصرح الكبير.. لا أخفي إعجابي بهذا الكيان الطبي الذي أتمنى الحفاظ عليه واستمراره في أداء مهامه الجليلة.. "ولكن".. والمخاوف تأتي دائمًا مصحوبة بكلمة "ولكن"!


قبل أيام نُشرت تحقيقات صحفية ومقالات، وقُدمت بلاغات تتهم إدارة المستشفى بإساءة إدارة أموال التبرعات وصرف مئات الملايين على الرواتب والإعلانات مقابل أموال أقل للعلاج..

وأشار الكاتب الكبير وحيد حامد في مقال له بعنوان («٥٧٣٥٧».. مستشفى آل أبوالنجا) إلى نقطة تحتاج التوضيح -إذا صحت- تتعلق بسيطرة عائلة الدكتور شريف أبو النجا على الكثير من المناصب المهمة.. فزوجته تتولى منصب المدير الطبي لأكاديمية 57357 للعلوم الطبية.. وزوج أخته هو المدير التنفيذي للمؤسسة والأمين العام لجمعية المبادرة القومية للسرطان.. وابن عمه هو مسئول قسم تكنولوجيا المعلومات (IT)، أما ابن خالته وزوجة ابن أخته فلهما مناصبهما أيضًا!

بنهاية الاقتباس من مقال الأستاذ وحيد حامد، فإنني أوضح إدراكي لأهمية الدور الذي تقدمه المستشفيات الخيرية وعلى رأسها 57357 التي تقدم العلاج المجاني للأطفال مرضى السرطان، لذلك فإنني حريص على طرح الاستفسارات التي تحتاج إلى إجابات واضحة من إدارة المستشفى بهدف دحض أي شبهات:

- هل تتولى عائلة واحدة معظم المناصب القيادية في المستشفى؟ وهل هم الأكثر كفاءة لشغل هذه المناصب؟
- هل تنفذ المستشفى مشروعاتها المختلفة بطريقة الأمر المباشر؟ وهل يستفيد منها المقربون من مجلس الإدارة؟

- هل ينفق المستشفى عشرات الملايين من أموال التبرعات على الإعلانات سنويًا؟ وهل الأفضل ترشيد هذه الإعلانات لتقليل النفقات أم أن الحملات الإعلانية الضخمة تؤتي ثمارها في شكل زيادة حجم التبرعات؟

- هل صحيح أن كل جنيه يتم صرف 16 قرشا فقط منه على علاج المريض مقابل 84 قرشا للمصروفات الأخری؟ هل هذه نسبة منطقية أم أقل من اللازم؟

- هل يقدم المستشفى جانبا من أموال التبرعات الخاصة بعلاج الأطفال لصالح مشروعات بعيدة عن مجال تخصصه مثل التبرع لصالح مشروعات صرف صحي؟ وهل منطقي أن تقدم جهة طبية قائمة علی التبرعات جانب من تبرعاتها لجهات أخرى؟

- لماذا لا تفتح إدارة المستشفى حوارًا حول هذه الشكوك بدلًا من اعتبار مديرها أن أصحاب هذه التعليقات "أعداء الوطن"؟ ولماذا يعتبر البعض أن منتقدي أداء المستشفى من جماعة الإخوان؟

هذه الاستفسارات أطرحها من واقع ما أُثير إعلاميًا، وأعتقد أنه يمكن منعها بسهولة إذا قرر المستشفى اتباع الشفافية بشكل أكبر عبر طرح الميزانية السنوية أمام الرأي العام لكي يعلم المتبرع أوجه إنفاق أمواله.

مستشفی 57357 مهم للغاية ويجب استمرار خدماتها، لذلك نحتاج إلى توفر رقابة دقيقة على أموال التبرعات وطرق إنفاقها لضمان الاستفادة القصوى منها ومنع إثارة الشبهات التي قد تؤدي إلى عزوف المتبرع عن دعم المستشفى..

الأمر هنا ينقلنا من الحديث عن هذا المستشفى تحديدًا إلى طرح القضية الأكبر، وهي أهمية إعلان الميزانيات السنوية للجهات الخيرية المختلفة القائمة على تلقى التبرعات ومنها: مستشفيات بهية و500500 وأهل مصر، ومؤسسة مجدي يعقوب، وجمعيات رسالة والأورمان ومصر الخير وغيرها..

فهذه المؤسسات المختلفة صاحبة الدور الاجتماعي المهم من الواجب عليها أن تطرح ميزانياتها السنوية بشكل معلن لكي يعلم الجميع أوجه صرف أموال التبرعات، وحتى يضمن المواطن -الذي يقتطع من أمواله الصغيرة للتبرع- أن هذه التبرعات ذهبت إلى أماكنها الصحيحة..

مجددًا، نتمنى استمرار كل هذه المشروعات الخيرية وتعظيم فائدة المواطن منها ولكن نحتاج أيضًا إلى المزيد من الشفافية في إعلان الميزانيات السنوية للمؤسسات الخيرية وتوضيح أوجه إنفاق أموال التبرعات لتصحيح الخطأ إذا وُجد وتوضيح سوء الفهم إذا حدث.

الجريدة الرسمية