علي إسماعيل.. 44 عاما على رحيل الأسطورة!
كان شاعرنا الكبير عبد الرحمن الأبنودي - ولنا معه أكثر من قصة سنرويها في حينها- في مثل هذا اليوم 16 يونيو من عام 1974 في طريقه إلى منزل عبد الحليم حافظ الذي كان على فراش المرض في أزمة صحية دورية وكبيرة، قام الأطباء بوضع أجهزة طبية في جسده النحيل إلا أن الأبنودي فوجئ بالعندليب يغادر منزله بملابس البيت يحمل الأجهزة والخراطيم الطبية غير عابئ بتداعيات ذلك ويقول للأبنودي منهارا : "علي إسماعيل مات"!
كان العندليب يعرف معنى ما جري ويُدرك بحسه الفني والوطني أن فصلا طويلا من العطاء سيطوى وأن نهرا من الإبداع سيجف ويتوقف، وأن الوطن قد خسر فنانا عظيما قد لا يتكرر بصيغته وشكله وكينونته ولونه الفريد المميز وإنتاجه الغزير الذي لا يمكن حصره إلا في كتاب كبير، رغم أنه رحل فجأة وبلا علل أو مقدمات وعلى خشبة المسرح أثناء بروفات مسرحية "كباريه" ولم يكمل الثانية والخمسين!
وإذا قلت لكم الآن هل تتذكرون دور الفنان فؤاد المهندس في فيلم "جناب السفير" ماذا سيحدث؟ ستتذكرون على الفور موسيقى الفيلم التي تعرفه من خلالها حتى لو لم تكن أمام التليفزيون.. الأمر نفسه سيتكرر مع أهم أفلام العندليب خصوصا معبودة الجماهير وأبي فوق الشجرة ويوم من عمري مع زبيدة ثروت وعبد السلام النابلسي..
وهكذا في أفلام الأرض ومراتي مدير عام والأيدي الناعمة وعنتر بن شداد بأغانيه مثل "سعدك صاعد يا عنترة" و"عيد النصر يا رجال" والسفيرة عزيزة وصغيرة على الحب وغرام في الكرنك وإجازة نصف السنة وحرامي الورقة وغيرها وبما يصل إلى 350 فيلما أسهم في نجاحها جميعا!
هذا الرجل وضع موسيقى فرقة رضا كلها تقريبا بما فيها "حلاوة شمسنا" "والمجنونة" و"الأقصر بلدنا" وغيرها ولذلك فجزء من المتعه بأداء الفرقة يرجع له وهو من لحن "أم البطل" و"دع سمائي فسمائي مغرقة" و"رايحين شايلين رايات النصر" و"فدائي" وهو من وزع أغلب أعمال عبد الحليم حافظ الوطنية في الستينيات التي نعيش على معانيها وألحانها إلى اليوم ويظهر في العديد من تسجيلات هذه الفترة يقود الفرقة الموسيقية بحماس بالغ، وهو أيضا صاحب فكرة الغناء الجماعي..
فكانت فرقة الثلاثي المرح التي لحن لها "العتبة جزاز" و"مانتاش خيالي يا ولا" و"هنا مقص وهنا مقص هنا عرايس بتترص" فضلا عن المؤلفات الموسيقية واحدة منها مثل "ليالي السيدة" ستدهش من يستمع إليها ولن يعرف هل ما يسمعه آلات موسيقية أم كورال! وغيرها مئات الأعمال الأخرى!
هذا الرجل أسهم في تشكيل وجدان المصريين وصنع بهجتهم وأشعل حماسهم وكان فيها كلها صادقا مؤمنا وليس موظفا يبحث عن المال والشهرة.. هذا الرجل.. الأسطورة.. لم يكرم بالشكل الكافي ويكفيه الآن أن أعماله لم تزل تخطف الآذان وتدهش العقول ويعاد توزيعها عالميا!
رحم الله علي إسماعيل..