إلى سيدات مصر
عندما انتهت الحرب العالمية الثانية وعقب خروج ألمانيا من الحرب بالهزيمة، أصبح أغلب الرجال ما بين أسير وقتيل وجريح لا يقوى على العمل لفترة، ولم يكن هناك في ذلك البلد أمل في البناء حيث كان الخراب في كل مكان، ظهرت إحدى السيدات تدعى "لويزا شرودر"، كان لها كاريزما قيادية وهي التي بدأت بنفسها وقامت بشراء فأس وجاروف ومقطف لكل سيدة وسميت حملتها "نساء الأنقاض".
سيدات ألمانيا كان لهن السبق في العمل حيث استخرجوا الحجارة من وسط أنقاض المباني المهدمة، وتم اختيار الأنسب منها للبناء وهو تحمل السيدات ما لا يمكن أن يتحمله بشر، إذ كيف يعملون على بناء وطن انتهى من وجهة نظر العالم قبل أن ينتهي من وجهة نظر أبنائه.
تم إخلاء المدن الرئيسية من الأنقاض وتم عمل مناطق لتجميع تلك الأنقاض إلى أن وصل بهم التلال إلى صور كصور الجبال حيث تحقق في 9 أشهر نقل أنقاض 18 مليون منزل وتحول ذلك إلى 750 ألف متر مكعب واستمر ذلك سنوات طويلة حتى عام 1955 حين تحققت أهدافهم في خلق وطن جديد.
قادت سيدات ألمانيا نهضة بلادهم حينما غاب الرجال عن المشهد، وتمكنت المرأة الألمانية من أن تحفر اسمها على الصخر بالجلد والصبر والإصرار.
إلى سيدات مصر:
نحتاج وجودكن الحقيقي، وجودكن الذي يدفع بالزوج والأبناء في كل بيت بالنزول للعمل، نحتاج مجهودا مستمرا نحو توعية وتثقيف الأبناء لأهمية العمل وقدسيته، وأن على أبنائنا أن يحاولوا ويستمروا في التدريب والتعلم خصوصا في المجال الفني والمهني الذي يمكنهم فيه تحقيق إيرادات أكبر في وسط سوق يحتاج بشدة إلى العامل الفني.
لدينا وطن غني بموارده وغني قبل ذلك بأبنائه، ولعل أكثر من يمكننا تحقيقه هو إيجاد تقدم حقيقي على ملف الموارد البشرية التي حبانا الله منها 50 مليون إنسان في سن الشباب قادر على العمل علاوة على من خرجوا على سن المعاش ولديهم القدرة على العمل ويريدون فقط أن يجدوا العمل المناسب هم بلا شك لديهم القدرة على الإدارة ولديهم من سنوات الخبرة المتميزة.. فقط علينا أن نبدأ الآن.
إنني على يقين تام أن سيدات مصر قادرات على تحقيق نهضة حقيقية إذا ما بدأت من داخل مملكتها ومع أسرتها الصغيرة مع اعترافي الكامل أنها تتحمل الكثير من ضغوط الحياة إلا أنها قادرة على أن تتحمل مسئولية إصلاح من حولها وقيادة الأبناء نحو طريق قبول الأعمال بغرض التدريب والتعلم.. حينئذ سيكتب التاريخ الكثير عن إنجازات سيداتنا في بيوتهن لخلق مجتمع متحضر يليق بتاريخ مصر العظيم.
