«HSBC»: الإصلاحات الاقتصادية تفتح آفاقًا جديدة للتجارة المصرية
نشر بنك "HSBC" على موقعه الإليكترونى تقريرًًا في منتصف شهر مايو الماضي عن الآثار الإيجابية للإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها مصر على تجارتها مع العالم الخارجى، وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف الذي زاد من تفاؤل الشركات المصرية وثقتها في أن برنامج الإصلاح الاقتصادى سيساعد على تحسين آفاق التجارة المصرية سواء في المدى القصير أو الطويل.
وجاء التفاؤل بشأن نمو التجارة مدعومًا بارتفاع الطلب من قبل شركاء التجارة الرئيسيين في الشرق الأوسط، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجى الكبرى، وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وتوقع التقرير حفاظ دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مكانتهم البارزة كأهم شركاء مصر التجاريين، ومن ناحية أخرى ستكتسب الروابط التجارية مع الاقتصادات الآسيوية أهمية متزايدة.
ويمكن تلخيص أهم ما جاء في التقرير كالتالى:
أثر الإصلاحات الاقتصادية على الاقتصاد وبيئة الأعمال
ساهم انخفاض سعر صرف الجنيه المصرى خلال العام الماضى في تقليص العجز التجارى، نتيجة لتحسن أداء الصادرات بشكل كبير مع زيادة تنافسيتها. غير أن الطلب على الواردات لم يتأثر بصورة ملحوظة، نظرًا لاعتماد مصر الكبير عليها. وأضاف أن هناك بوادر تنم عن انتعاش قطاع السياحة الذي يسهم بالنصيب الأكبر في تجارة الخدمات بمصر، متوقعًا استمرار هذا التحسن ما لم تدهور البيئة السياسية والأمنية.
تبنى التقرير نظرة متفائلة تجاه تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر واستثمارات البنية التحتية، على خلفية إصدار قانون التراخيص الصناعية وقانون الاستثمار الجديد، استنادًا إلى كلاهما من شأنه دعم التجارة سواء في المدى المتوسط أوالطويل.
ارتفع الطلب على الصادرات المصرية خلال الأرباع الأخيرة بفضل الإصلاحات الاقتصادية الجارية، واقترانها بتحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمى، حيث ساهم كلاهما في تعزيز الثقة في بيئة الأعمال. وتظهر نتائج المسح الذي أجراه بنك "HSBC" أن أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين متفائلون بشأن الآفاق التجارية في عام 2018.
من المتوقع أن تسهم الإستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية، التي تم إطلاقها في مارس 2017، في تعزيز الاقتصاد الرقمى في المدى المتوسط بما يساعد على إتاحة خدمات الإنترنت على نطاق أوسع، ومساعدة الشركات على زيادة الوعى العالمى بالخدمات المقدمة من جانبها.
التوقعات في المدى القصير:
تتوقع غالبية الشركات المصرية ارتفاع الطلب على تمويل التجارة خلال الاثنى عشر شهرًا القادمة (70٪ من المشاركين في المسح، أي أعلى من المتوسط العالمى البالغ 62٪). كما تتوقع 61٪ من هذه الشركات تيسير النفاذ إلى التمويل خلال العام المقبل بعد قيام البنك المركزى المصرى بإلغاء آخر القيود المفروضة على النقد الأجنبى في نوفمبر 2017، حيث أدت هذه الخطوة إلى تخفيف مخاطر عجز الشركات الأجنبية عن ترحيل أرباحها إلى الخارج. ولكن مازالت هناك بعض العوائق التي تحد من تمويل التجارة.
التوقعات الخاصة باحتياجات تمويل التجارة بمصر وفرص النفاذ إليه على مدار الأشهر الإثنى عشر القادمة
رغم استقرار قيمة العملة على مدار عام تقريبًا، فاحتمال تذبذب قيمتها ما زال قائمًا، الأمر الذي قد يثير القلق في بعض الأحيان.
تتوقع 62٪ من الشركات المصرية زيادة حجم تجارة الخدمات خلال العام القادم، مع استمرار قطاع السياحة وخدمات النقل كمساهمين رئيسيين لنموها، حيث بلغ إجمالى مساهمتهما في عام 2016 نحو 80٪ من إجمالى صادرات الخدمات. فقد ارتفع عدد الوافدين بما يزيد عن 54٪ خلال الأشهر العشر الأولى من عام 2017 مقارنة بالسنة السابقة، إلا أنه ما زال أقل من نظيره في عام 2015. كما تزايدت أعداد السائحين الصينيين إلى المنتجعات المصرية رغم توقع تباطؤ الإنفاق الاستهلاكى في الصين على مدار العامين المقبلين.
وذكر التقرير أن أبرز المخاطر التي قد تهدد تعافى القطاع مردها إلى الأوضاع الأمنية، وتوقع التقرير زيادة حجم التجارة في قناة السويس مدفوعًا بنمو التجارة العالمية.
تطورات السياسة التجارية:
تواصل مصر التركيز على علاقاتها الثنائية القائمة، حيث أنها لم توقع على أية اتفاقيات تجارية هامة خلال العام الماضى.
تمثل المملكة المتحدة أكبر مستثمر في مصر، غير أن غالبية الشركات المصرية لا تخشى حدوث أية تداعيات سلبية من جراء التصويت على خروجها من الاتحاد الأوروبي وفقا لنتائج المسح.
تحظى الروابط التجارية مع الاتحاد الأوروبي بأهمية كبيرة، ويتعين على مصر الاستفادة من تعزيز العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي. فالمحادثات الجارية بشأن اتفاقية التجارة الحرة العميقة والشاملة"Deep and Comprehensive Free Trade Agreement" ستعمل على تعزيز فرص التجارة أمام قطاع الأعمال، بما في ذلك المشروعات المشتركة.
تعتقد بعض الشركات أن مبادرة "الحزام والطريق مع الصين" ستؤثر بالإيجاب على نمو التجارة (ما نسبته 45% من الشركات المستجيبة للمسح)، وكذلك مبادرة ترابط الآسيان لعام 2025 ""ASEAN 2025 (ما نسبته 34% من الشركات المستجيبة للمسح). فقد استفادت مصر بالفعل من المبادرة الصينية المذكورة، حيث اجتذبت تحت مظلتها أكثر من 13 مليار دولار لتمويل المشروعات، وهى أعلى قيمة استثمارات على الإطلاق على مستوى دول الشرق الأوسط منذ عام 2014، وتركز معظم هذا التمويل في استثمارات قطاعى الطاقة والنقل. وتسعى الحكومة إلى تعميق التعاون بصورة أكبر مع الصين.
أهمية الاتفاقيات التجارية وتأثيرها على قطاع الأعمال خلال العامين القادمين
في ضوء مساعى الولايات المتحدة إلى تعزيز التعاون مع أفريقيا، ستصبح الفرصة متاحة لمصر للاستفادة من أية مبادرات تستهدف تحرير حركة التجارة بين الجانبين.
التوقعات في المدى الطويل:
أشار التقرير إلى أن أجندة الإصلاح الاقتصادى قد أدت إلى تجديد الاهتمام بمصر، ولاسيما قطاع الطاقة. وتوقع التقرير أن تظل صادرات السلع الأولية، ولا سيما المنتجات البترولية والزراعية، هي المصدر الرئيسى للصادرات سواء فيما يتعلق بعوائدها أو نموها، غير أن التجارة ستتحول فيما بعد إلى المنتجات ذات القيمة المضافة الأعلى. ومع هذا، فالصادرات ذات القيمة المضافة الأعلى، مثل معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، سيظل دورها هامشيًا. أما قطاعا النقل والسياحة فسيسهمان بالنصيب الأكبر من تجارة الخدمات، لكن النمو الأسرع سيكون من جانب خدمات الأعمال. وفى هذا الصدد توقع التقرير مايلى: -
المنتجات البترولية تمثل المحفز الرئيسى لنمو الصادرات:
يساعد ارتفاع الإنتاج من حقل "ظهر" والمشروعات الأخرى مثل "أتول" و"غرب الدلتا "على زيادة الأهمية النسبية لصادرات الوقود سواء بالنسبة لمساهمتها في عوائد الصادرات أو في نموها. وسترتفع مساهمة هذه الصناعات- مضافًا إليها مساهمة صادرات السلع الزراعية والكيمياويات التي تحتل مكانة بارزة في هيكل الصادرات الحالى - إلى نحو 45٪ من النمو المتوقع للصادرات خلال الفترة 2017 -2020.
قطاع الزراعة
يرى التقرير أن هذا القطاع لا يدخل ضمن الأولويات الرئيسية لإستراتيجية نمو الصادرات التي تتبناها الحكومة المصرية في الوقت الحالى، ولكنه يتوقع أن تزداد أهميته نظرًا لأنه أحد أهم القطاعات التي تسهم في خلق فرص العمل بالاقتصاد.
ويتوقع التقرير أن يتحول هذا القطاع إلى ثانى أكبر محفز لنمو الصادرات، بحيث تصل نسبة مساهمته في إجمالى الزيادة المتوقعة بها خلال الفترة 2021 - 3030 إلى 15%.
تظل المنطقة العربية سوقًا رئيسية للصادرات المصرية (تمثل إيرادات الصادرات إلى الدول العربية في الوقت الحالى نحو 31% من الإجمالى)، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ستسهم الأخيرة وحدها بنحو 10% من الزيادة المتوقعة في إجمالى الصادرات السلعية خلال الفترة 2017 - 2030.
أهم أسواق الصادرات المصرية خلال الفترة 2017-2030
سيتغير هيكل التجارة بصورة أكبر لصالح دول الشرق الأوسط بحيث ترتفع حصته من إجمالى صادرات مصر إلى 34٪، كما ستسهم اقتصادات ناشئة أخرى سريعة النمو مثل الهند وتركيا والمكسيك بنحو ثلث نمو الصادرات المصرية خلال الفترة 2021-2030، مع توقع احتلال الهند مركز الصدارة بنصيب يبلغ 12٪. وفى الوقت نفسه، ستتراجع حصة أوروبا إلى 31٪ تقريبًا، مقابل 36% حاليًا. كما ستظل الولايات المتحدة إحدى أهم وجهات التصدير والمساهم الرئيسى في نمو الصادرات، رغم توقع تباطؤ هذه المساهمة إلى 7٪ خلال العقد المقبل مقابل 17٪ في المتوسط في المدى القريب.
صادرات الخدمات:
توقع التقرير أن يظل قطاعا النقل والسياحة هما المساهمان الرئيسيان في تجارة الخدمات، بنصيب يتراوح بين 80 - 85٪ من إجمالى صادرات الخدمات. وأضاف أن وضعهما الجيد في الوقت الحالى يسمح لهما بالاستفادة من تصاعد وتيرة نمو الاقتصاد العالمى.
يواصل قطاع السياحة تعافيه تدريجيًا. فقد بدأت روسيا في استئناف الرحلات الجوية إلى مصر، ومن المتوقع أن تحذو المملكة المتحدة نفس الحذو خلال الأشهر القادمة. ومن ناحية أخرى، تحرص مصر على الاستفادة من الاهتمام المتزايد من جانب الأسواق الأسيوية. وأضاف أن خطة "6*6 Tourism Impact Plan" التي تم إطلاقها في عام 2016، والتي تستهدف تحسين البنية التحتية سواء من خلال الشريكات المحلية (مصر للطيران) أو الأجنبية، بغرض استهداف أسواق جديدة.
ارتفاع وتيرة نمو تجارة البضائع العالمية ستزيد من عوائد قناة السويس. فتوسعة المجرى الملاحى للقناة سيسمح بزيادة إيرادات الشحن بمقدار الضعف لتصل إلى 5 مليار دولار بحلول عام 2023، علاوة على مساهمة المنطقة الاقتصادية الخاصة بقناة السويس.
صادرات قطاع الخدمات: توقع التقرير زيادة قيمتها بمعدل 11٪ سنويًا في المتوسط في المدى القريب، غير أن معدل الزيادة سيقل بقليل عن 8٪ سنويًا في المتوسط خلال الفترة 2021 -2030. وستظل المملكة العربية السعودية سوقًا رئيسية للمنتجات المصرية، كما ستصبح تركيا وبعض الاقتصادات الآسيوية كالهند وفيتنام من أبرز وجهات التصدير المصرية بحلول عام 2030.
الواردات المصرية:
يتوقع التقرير نمو الواردات السلعية بنسبة 10٪ سنويًا خلال الفترة القادمة وحتى عام 2030. وستتركز هذه الواردات في الآلات الصناعية، بنصيب يبلغ 20٪ خلال الفترة 2021 -2030. كما ستسهم عربات النقل بنسبة 10٪ من الإجمالى، نتيجة للنمو السكانى السريع وضآلة الإنتاج المحلى للسيارات. كما ستسهم الكيماويات بنحو خمس إجمالى الواردات بغرض دعم القطاعات الصناعية النامية في مصر.
سيزداد تنوع مصادر الواردات المصرية على مدار الأعوام العشر القادمة، بحيث يقل التركيز على دول أوروبا والشرق الأوسط، في حين ستزداد الأهمية النسبية لآسيا وأمريكا الشمالية. أما الصين فستظل الشريك الأكبر لمصر من حيث حجم الواردات، بحيث يصل مجموع مساهمتها مضافًا إليه مساهمة كل من فيتنام والهند وماليزيا إلى نحو 40٪ من الزيادة في حجم الواردات خلال الفترة حتى عام 2030. وهذا سيزيد نصيب قارة آسيا إلى ما يزيد عن 27٪ مقابل 16٪ في عام 2017. وعلى الرغم من أواصر التجارة القوية مع الولايات المتحدة، فمن المتوقع انخفاض نصيب أمريكا الشمالية من إجمالى الواردات المصرية إلى 6٪ في عام 2030 مقابل 8٪ في الوقت الحالى.
التوصيـــات:
يتعين على الشركات المصرية القيام بما يلى:-
المساهمة في إسراع وتيرة الإصلاحات الجارية من خلال زيادة الوعى بالمنافع الناجمة عنها.
الإلمام بالفرص التي أتاحتها تلك الإصلاحات والتأهب جيدًا للاستفادة منها، ومنها على سبيل المثال تحسين فرص النفاذ إلى التمويل، ودعم التجارة الإلكترونية.
تكثيف جهودها بغرض المشاركة بصورة أكبر في مبادرات نمو التجارة الآسيوية، وفى مقدمتها مبادرة "الحزام والطريق".
أن تعمل شركات السياحة على استقطاب الأسواق الآسيوية البكر من خلال القيام بحملات ترويج تعريفية عن السياحة في مصر.
التواصل مع شركاء التجارة بالمملكة المتحدة للوقوف على التداعيات الناجمة عن السيناريوهات المختلفة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.