رئيس التحرير
عصام كامل

3 حكايات لصيام الأطفال في رمضان: ربنا بيحبنا (صور)

فيتو

حينما يهل علينا رمضان بخيراته وبركاته، يسعد بقدومه الكبار وينبهر بطقوسه وشعائره وأجوائه الصغار، فالفرحة تكون عنوان الثلاثين يومًا، و"اللمة" تفرض نفسها في البيوت، وبينما يلتزم الكبار بالصيام وتعاليمه، يحاول الصغار دومًا محاكاة ذلك الالتزام، ويقررون عن حب صيام الشهر الكريم حتى وإن لم يكونوا بلغوا من العمر ما يؤهلهم لتحمل هذا التكليف الشاق، وسط تشجيع من الآباء ودعم من الأمهات، وفرحة من الأقارب والأصدقاء بإقبال الصغار على الصيام حتى وهم "تحت السن".


وبالرغم من أنه لا يوجد عمر محدد لبدء تنفيذ هذا التكليف، إلا أن عمر بدء الصيام يُقاس دومًا بالعمر المحدد لبدء الالتزام بالصلاة، وفقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر».



والصيام ليس فقط هو الامتناع عن الطعام والشراب فقط، ولكنه الالتزام بالأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة الكريمة، والقدرة على تحمل المسئولية، والتحكم في شهوات النفس وتهذيبها، وبالرغم من نبل غاية الصيام الذي فرضه الله على المسلمين في شهر رمضان، إلا أن ملك حسين متولي لم تكن تدرك كل ذلك حينما تابعت باهتمام صوم والديها على مدار شهر رمضان، وهي لا تزال في السادسة من عمرها، لم تكن تعرف تحديدًا معنى الصيام، وما المراد من هذا الفرض، ولكن كل ما كانت تعرفه وقتها أنها تريد أن تفعل كما يفعلان، أن تحاكى سلوكهما وأن تمتنع مثلهما عن الطعام.



وبالفعل دفعها الفضول والرغبة في التقليد إلى اتخاذ قرارها بالصيام، ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة المتوقعة في مخيلة الصغيرة، وبالرغم من مشقة الصيام بعد تنفيذ القرار إلا أنها لم تفكر في الإفطار، حتى حينما أصابها ألم لا يحتمل في ضرسها لم توافق على إصرار والدتها للإفطار واستمرت منذ ذلك الحين وحتى الآن بعدما بلغت التاسعة من عمرها مواصلة الصوم حتى آذان المغرب طوال أيام الشهر الكريم.



وفى هذا العام، وبعد 3 سنوات من بدء تجربة الصيام، أتى رمضان في الإجازة، وفى هذا الأمر متعة مضاعفة بالنسبة لملك، فيومها الرمضانى أصبح أسهل، غير مثقل بالمتاعب، فقط تسلية ولعب وصوم وبالطبع صلاة، أما التليفزيون فيحتل مكانة كبيرة في يومها، وأمامه تقضي ليلها، مما يجعلها تخلد إلى النوم لساعات طويلة في النهار.



للوالدين مسئولية كبيرة تجاه أبنائهم، بتحبيب الصيام إلى نفوسهم، واستعمال وسائل الترغيب التي تعينهم عليه، وهذا ما تفعله والدة ملك، التي تتنوع سبل تشجيعها لصغيرتها ما بين المكافأت المادية والمعنوية أيضًا، فهى أحيانًا تُدخل السعادة إلى قلب ملك بزيارة لصديقتها المقربة، وهو ما يعنى فقرة لعب وضحك تزين يومها، أو بزيارة إلى جدتها التي تعشق الصغيرة الجلوس معها.



"وأنا صايمة ببقى نفسي آكل الشيكولاتة اللى ماما جايباها ليا.. وبفضل مخبياها لحد المغرب"، تحكى ملك عن هدايا والدتها التشجيعية نظير صيامها، ولكنها لم تغفل عن ذكر "تيتا" التي تلعب دورًا كبيرًا هي الأخرى في دعمها لاستكمال الصوم وترغيبها فيه لإتمام فرض الله على أكمل وجه.



وتمامًا كـ"ملك"، كان محمد في السادسة من عمره حينما بدأ مرحلة الصيام التدريجي، حتى بلغ السابعة ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، بعد إتمامه سنواته التسعة، يتم الشهر الكريم صائمًا تمامًا كالكبار، وعادة ما يبدأ يوم محمد في رمضان في الثانية عشرة ظهرًا، وتكون البداية دومًا مع الصلاة، فالصغير مؤمن أن الصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب، ولكن أيضًا الالتزام بالعبادات التي فرضها الله على المسلمين وعلى رأسهم الصلاة.



"عشان ربنا يحبني.. عشان الشيطان ما يضحكش عليا.. عشان أصلي"، كلمات صدرت ببراءة من محمد، ليصف بها السر الذي دفعه أن يتخذ قرار صيام شهر رمضان كاملًا، بالرغم من سنوات عمره القليلة، وأن يشارك الكبار في صيامهم الشهر الكريم، ويؤكد أن هناك الكثير والكثير من الأشياء التي تهون عليه الوقت، وأبرزها شقيقه الصغير الذي يلعب معه ويقضي برفقته معظم أوقاته.



قد يعتبر الكثيرون أن محمد لا يزال صغيرًا للإقدام على مثل هذه الخطوة، ولكن والدته أكدت أنه اعتاد على الصيام تدريجيًا، كانت البداية "يوم آه ويوم لأ"، حتى وصل أخيرا إلى مرحلة صيام اليوم كاملًا وإلى آخر الشهر، بدون أي معاناة، ولأنه يقدم باختياره على فعل شاق ونبيل ويحافظ على صلواته، وأصبح ضيفًا دائما في المسجد ليؤدي صلاة العشاء والتراويح طوال رمضان، فإن والدة محمد دائمًا ما تكافىء صغيرها نظير صيامه، فكل ما يتمناه من "الحلويات" يكون رهن إشارته، وكل ما يطلبه يتحقق، ليصبح الصيام طاقة سعادة وفرحة للصغير الذي قرر أن يؤدى فرض الله طواعية حتى قبل أن يبلغ السن المطلوب لتنفيذ هذا التكليف.



وكعادتهم، يعشق الصغار التقليد، فدفع صيام الأخ الأكبر محمد، إلى إثارة مشاعر غيرة حميدة في قلب شقيقه الأصغر أحمد، الذي لم يتخط بعد الخمس سنوات، وقرر هو الآخر أن يقلد شقيقه، وأن يبدأ تجربة "سنة أولى صيام"، وهو لا يزال "تحت السن" بسنوات عدة.



"أنا عايز أصوم زى محمد.. والصيام سهل وأقدر أكمل لحد المغرب"، يؤكد أحمد الذي لا يكتفى فقط بالصيام، ولكنه أيضًا يقدم يد المساعدة لوالدته في الإعداد للإفطار، ولكنه لا ينكر أنه في وسط اليوم يحلم بما يشتهي من الطعام" "ببقى نفسي في كل الأكل".



لم يكن الصغير ليقدم على مثل هذا القرار بدون أن يجد ما يشجعه ويحفزه عليه، وكانت أسرته المكونة من الأب والأم وشقيقه الأكبر على رأس المؤيدين لفكرة صيامه، ويقدمون دومًا كل سبل التشجيع والمساندة التي يحتاجها لكى يكمل مهمة الصوم في سنه هذا على أكمل وجه.


الجريدة الرسمية