رئيس التحرير
عصام كامل

الجمعيات الخيرية «بابا وماما الشعب».. والمواطنين للحكومة «إنتى بتشتغلى إيه»؟.. رعاية المرضى والفقراء وتوصيل مياه الشرب مسئولية المجتمع المدني.. و«عبده» : ٨١٪ من الموازنة

فيتو


في السنوات الأخيرة تحول رمضان إلى موسم سنوى تتسابق فيه الجمعيات والمؤسسات الخيرية لتحصيل أكبر قدر ممكن من التبرعات، ووفقا لإحصائيات غير رسمية يبلغ حجم التبرعات في شهر رمضان نحو 98% من حجم تمويل التبرعات السنوي، جميعها إنفاق ذاتي، أو مجهود شخصى وفردى من المتبرعين إلى الجمعيات دون تدخل حكومى مباشر، فضلا عن وجود نحو 12 ألف جمعية نشطة تنفق نحو 10 مليارات جنيه سنويا على العمل المجتمعى الخيري، ما جعل حجم الإنفاق الخيرى السنوى يقارب 52 مليار جنيه، بنسبة تصل لنحو 3% من ودائع البنوك.


الفجوة
تحركات الجمعيات الخيرية تهدف إلى سد الفجوة الناتجة عن غياب الحكومة عن تقديم الخدمات والرعاية لملايين الفقراء في أرجاء المحروسة، الذين تضاعفت معاناتهم بعد تحرير سعر الصرف في الوقت الذي لا تتوانى بين الحكومة عن رفع أسعار الخدمات الأساسية بشكل جنونى ليتحول الأمر برمته إلى أن تصبح الجمعيات التي تقترب من ٥٠ ألف جمعية هي “بابا وماما” للشعب!

بدوره يرى الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، أنه لا يمكن للحكومة توفير كل متطلبات الطبقات الفقيرة، مشيرا إلى أن المؤسسات المعاونة والبديلة ستظل هي الحل الأمثل والورقة الرابحة بالنسبة لحكومة غارفة في موازنة اقتصادية ضعيفة للغاية، لا تستطيع أن تسد ديونا خارجية متراكمة.

الميزانية
عبده أشار إلى أن الحكومة أهدرت نحو 81% من الميزانية، في أمور لا تعنى الشريحة الأكثر احتياجا في شيء، فمن الطبيعى ألا يشعر الفقير بوجود الحكومة بجانبه، مضيفا: “الحكومة غارقة في الديون وتلهيها أموال الدعم والمرتبات، فموازنة مصر التي يتم الإنفاق منها على كل مؤسسات الدولة، خاصة الجديدة التي ستبدأ في مطلع يوليو، يوجد بها نحو 81% منها لا ينفق على أي من عمليات التنمية أو تطوير البنى التحتية للدولة، فهى تعمل بأقل من 19% من ميزانية الدولة، وهذا الرقم لا يصلح لعمل أي شيء.

فوائد الديون
وأوضح إنه من المنطقى ألا نجد لدينا تعليما أو صحة أو تقليصا لنسبة الشريحة الفقيرة في المجتمع، فمثلا فوائد الديون التي جاءت الحكومة لتسديدها تبلغ نحو 541 مليار جنيه، أي ما يعادل 38% من موازنة مصر، وهناك نحو 40% من الموازنة “طار” في تسديد الديون، وإذا نظرنا إلى المبلغ المخصص للمرتبات الخاصة بموظفى الحكومة سنجدها وصلت في هذه الموازنة إلى 261 مليار جنيه، أي ما يعادل 19% من الموازنة، وهذا أيضا لا يدخل في العملية التنموية بشكل مباشر”، فضلا عن الدعم والمزايا الاجتماعية الذي يخصص له نحو 323 مليار جنيه أي 24% من الموازنة، فإذا جمعنا الثلاثة بنود التي لا تدخل في أي عملية تنمية نجد أنها بلغت81%، وأوضح عبده أن أقل من 19% من موازنة ضعيفة بالأساس لا يمكنها أن تحسن خدمات ومرافق وإسكان وتعليم وصحة وما إلى ذلك، مشيرا إلى أن الحكومة باتت تعول على أموال الجمعيات والمؤسسات الخيرية بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية، لأن الجانب الأكبر من ميزانيتها مُهدر في قرارات اقتصادية تتدافع على رءوس المواطن بين الحين والآخر.

الإطار الزمني
وأرجع الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة انحسار دور الحكومة في تطوير البنى التحتية للدولة إلى غياب الإطار الزمنى والحاضنة الشعبية للقرارات والتكليفات التي يمليها عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، فلا ملامح للخطة التالية للحكومة ولا الخطة الماضية، كأن الحكومة ــ وفقا لكلام فهمى ــ تعمل في الخفاء، وحتى العلاقة بينها وبين البرلمان غير محددة الملامح، فضلا عن تحويل دور الجمعيات الوسيطة أو الخيرية أو الوطنية من معاون للحكومة إلى فصلها بشكل كلى عن الشعب، بحيث باتت تتصدر المشهد الخدمي، مؤكدا أن الحكومة هي من شكلت هذا المشهد برمته، مضيفا “إحنا لا يمكن نشحت على الشعب!”.

أما محمد الدامى أمين سر لجنة المحليات بمجلس النواب، فيرى أن الحكومة ينقصها أن “تجس” نبض الشارع والمواطن الفقير، ولا تنتهى مهمتها عند اتخاذ القرارات الاقتصادية التي تُزيد من اتساع الفجوة بينها وبين المواطن، مضيفا: “نحن لا ننكر أن الحكومة في معظم المناطق والمحافظات المختلفة تلبى متطلبات السكان من أدوية ووحدات علاجية في القرى النائية، فضلا عن مساعدات عينية، إلا أن ذلك وحده لا يكفى فما دام هناك نسبة من المواطنين المصريين مصنفة تحت بند “مواطن تحت خط الصفر”، فالخلل إذن ما زال قائما.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية