رئيس التحرير
عصام كامل

حكمة عبد الله تنقذ الأردن من الفوضى.. عمان تسحب قانون ضريبة الدخل وتطرحه للنقاش.. الأمن يعلن انتهاء الاحتجاجات.. الملك يفوت الفرصة على المتربصين لسقوط الدولة.. وصندوق النقد الدولى يعترف بصعوبة الوضع

 الملك عبدالله الثانى
الملك عبدالله الثانى

نجح عاهل الأردن الملك عبد الله الثانى، في إنقاذ بلاده من السقوط في فوضى عارمة وجدها المتربصون بالبلد العربى الكبير فرصة سانحة لاسقاطها وإعادة إنتاج الفوضى الإقليمية انطلاقا من العاصمة «عمان».


وبدأت أكبر احتجاجات يشهدها الأردن منذ سنوات قبل ثمانية أيام بسبب زيادات ضريبية، ورفع الدعم تنفيذا لسياسات أوصى بها صندوق النقد الدولي من أجل خفض الدين العام الكبير.

سحب المشروع

وأكد رئيس الوزراء المكلف، عمر الرزاز، على أن هناك توافقا على سحب مشروع قانون الضريبة.

وبين الرزاز أنه تم عقد مشاورات مع رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة ورئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز.

ولفت الرزاز عقب لقاءه الفايز إلى أن أسباب سحب مشروع قانون الضريبة عديدة أبرزها، أنه يتطلب حوارا عميقا يأخذ مجراه للوصول إلى قانون ضريبة عادل.

وأشار الرزاز إلى أن القانون لا يجب أن يدرس لوحده، مبينا أهمية الأخذ بعين الاعتبار الأثر الضريبي الكلي على المواطن.

وأكد الرزاز على أهمية عدم المساس بحقوق المواطن الأساسية، وذلك من خلال العمل مع مؤسسات المجتمع المدني، ومن ثم الانتقال دستوريا إلى الدورة الاستثنائية مع مجلس النواب والأعيان.

أوضاع صعبة

وفى السياق، قال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، إن الأردن يواجه ضغوطا استثنائية؛ بسبب مجموعة من العوامل، بعضها خارج عن سيطرة الحكومة الأردنية، بما فيها استضافة اللاجئين السوريين.

وأضاف في معرض إجابته عن أسئلة الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عقده في واشنطن، اليوم الخميس، في نهاية جولة المراجعة التي أجرتها بعثة الصندوق للأداء الاقتصادي الأردني، أن الحكومة الأردنية طلبت من صندوق النقد الدولي دعمها والعمل معها للمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي، والإصلاحات متقدمة لتعزيز النمو وتوفير فرص العمل، والتي تعزز بدورها الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

وأشار رايس إلى أنه مع ارتفاع الدين العام، وانخفاض الإيرادات الضريبية والمنح الخارجية الموجهة لدعم الموازنة، وتزايد الاحتياجات الاجتماعية والبنية التحتية، فإنه يجب أن تتعزز الموارد المالية العامة للأردن بتوسيع القاعدة الضريبية، بحيث يتم توزيع العبء على نطاق واسع، بما يشمل إزالة الإعفاءات الضريبية المرتفعة على ضريبة الدخل والمبيعات.

وفي مجال ضريبة الدخل، أكد رايس أن التركيز يجب أن ينصب على فرض ضرائب الدخل، خصوصا على الشرائح التي تتمتع بقدرة أكبر على الدفع، بدلا من الضرائب على الاستهلاك «المبيعات» التي تؤثر سلبا بدرجة نسبية على الفقراء.

أزمات إقليمية

كشفت الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن أردنية مؤخرًا مدى انعكاسات الأزمات الإقليمية على الداخل الأردني، سواء جيوسياسيًّا أو اقتصاديًّا، على نحو ما تعكسه ضغوط أزمة اللاجئين السوريين، أو التفاهمات بشأن قوات الانتشار في الجنوب السوري، أو تداعيات صفقة تسوية القضية الفلسطينية، أو تقليص احتمالات نجاح بعض التنظيمات الإرهابية. ويأتي كل ذلك في ظل حركة احتجاج عنيفة، تستغلها بعض الأطراف المحلية والإقليمية.

فرضت الجغرافيا على الأردن الوقوع في منطقة مفعمة بكثيرٍ من عوامل الاحتقان والتوتر، إذ إن الأزمات العديدة التي شهدتها بعض دول الجوار كانت لها انعكاسات مباشرة على أمن ومصالح الأردن واستقرارها الداخلي، بدايةً من أزمة الصراع العربي- الإسرائيلي المزمنة، مرورًا بالاحتلال الأمريكي للعراق، وانتهاءً بالأزمة السورية القائمة حتى الآن.

ومع ذلك، فإن الأردن نجحت -إلى حدٍّ ما- خلال العقود الماضية، في احتواء تداعيات تلك الأزمات وصد انعكاساتها مسبقًا قبل أن تصل إلى الداخل، وذلك من خلال سياسات المواءمة والتحالفات والتوازنات الإقليمية، إلى درجة أنها حوّلت بعض التحديات إلى فرص حقيقية حصلت من خلالها على مكاسب سياسية وإستراتيجية عديدة. غير أن التطورات الأخيرة التي طرأت على الساحتين الداخلية والخارجية تشير إلى أن تلك المعادلة أصبحت من الماضي، وأن الأردن تبدو مقبلة على استحقاقات داخلية وإقليمية لا تبدو هينة خلال المستقبل القريب.

الجريدة الرسمية