رئيس التحرير
عصام كامل

انتحال صفة «مسكين»!


يحرص منتحلو صفة الغلابة في شهر رمضان على ارتداء ملابس شركات النظافة واعتلاء الكباري واحتلال نواصي الشوارع، وشغل أرصفة الطرقات، وإمعانًا في انتحال الصفة يمسك كل واحد منهم بمقشة، ويتنقل في مساحة متر «رايح جاي» أمام المارة، واحتكاكًا بالسيارات حتى يسقط الزبون في براثن المنتحل فيدفع له ما ليس حقه، يستوي في ذلك مع اللص والنصاب والسارق.


ميزة المتسول الجديد أنه عادة ما يصاحب زيه ملامح من المسكنة والهوان والذل تضفي على صاحبه هيبة العوز والفقر والحاجة فيقع في قلب المواطن أو الزبون فتراه مستسلمًا لفكرة «العطية» أو التصدق دون أن يدري أنه يساهم في هضم حق الغلابة، فعلًا لصالح فئة من النصابين، والمثير أن هؤلاء يحتلون الشوارع والميادين دون أن تقوم الشرطة بما يجب عليها أولًا لمنع جريمة نصب على الشعب، وثانيًا لمنع صورة ذهنية سيئة على دولة نصف شعبها يعمل بالتسول، وثالثًا لأننا دولة يتردد بين العامة والخاصة أنها دولة سياحية.

الأكثر إثارةً ليس سقوط المواطن في مستنقع الدفع تحت وهم التقرب إلى الله فقط، كما أنه لا يكمن في عدم صدور بيان من شركات النظافة تدافع فيه عن عمالها الشرفاء، الذين يتكسبون رزقهم من عمل شريف يأبى استخدام ملابسهم في الإساءة إلى مهنتهم الشريفة، ويدعو المجتمع إلى عدم السقوط في فخ عصابات التسول.. الأكثر إثارةً يا سادة أن الناس تتجاهل التصدق في مصارف شرعية ومؤسسات رسمية أو تطبيق ما طالب به الشرع.

ربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بالتواصل تحت عنوان عريض «الأقربون أولى بالمعروف»، والأقربون هم عائلتك فإن لم يكن فجيرانك، فإن لم يكن فمن تعرفهم أصحاب حاجة، فإن لم يكن فهناك مؤسسات رسمية تشرف عليها جهات مثل الأزهر والكنيسة هي الأولى والأكثر ضمانة، وفي النهاية تصل بزكاتك أو تبرعاتك أو صدقاتك إلى مناطق آمنة، وأناس تحسبهم أغنياء من التعفف، أما منتحلو صفة الفقراء فإنهم مجرمون يجب مطاردتهم؛ لأنهم يسرقون بالحيل ما كان من نصيب غيرهم.
الجريدة الرسمية