رئيس التحرير
عصام كامل

«مريم بوجيتو».. مسلمة كشفت عورات فرنسا.. قادة باريس اتهموها بدعم الإرهاب.. واعتبروا حجابها دليل تخلف.. الظهور على شاشة قناة فرنسية يثير الغضب.. وزملاؤها يخوضون معركة الدفاع عنها

مريم بوجيتو
مريم بوجيتو

شابة لا تزال في مقتبل العمر وجدت نفسها فجأة أمام موجة عارمة من الانتقادات من كبار قادة الدولة التي تعيش فيها، وتعتبر نفسها جزءا منها، رابطين بين حجابها الذي يعتبر جزءا من هويتها بتهم قد تدمر مستقبلها، حاجرين على أبسط حقوقها وهى حرية الزى الذي ترتديه.. هي مريم بوجيتو رئيسة الاتحاد الوطنى بجامعة السوربون بفرنسا التي واجهت بكلمتها الطيبة واعتبارها أن الحجاب حق شخصي لا يؤثر على التعامل مع الأشخاص، موجة انتقادات واتهامات في دينها وتوجهها.


مغربية الأصل
مريم فتاة لم تتجاوز العشرين عاما، والدها مغربى الأصل ووالدتها فرنسية، نشأت في أسرة مسلمة، ولدت عام 1999 بباريس، بعد أن انتهت مريم من دراستها الثانوية، وجدت أنها شغوفة بالأدب، لذا انضمت لقسم الفنون والأعمال في جامعة باريس، ومن المقرر أن تبدأ سنتها الثالثة من الدراسة قريبا.

عرف عن مريم شغفها بالقيادة ورغبتها الدائمة في إحداث تغيير للأفضل، لذا تقدمت لقيادة اتحاد جامعتها بتشجيع من زملائها الذين وجدوا فيها الالتزام والتعاون، وبالفعل فازت، لتكون رئيسة اتحاد الطلبة بجامعة السوربون، وترى أن تمثيل الطلاب والتعبير عن آرائهم العملية وتحسين الظروف التعليمية، أمر مهم.

أفكار الاتحاد
ترى مريم أن أفكار الاتحاد الذي ترأسه تقدمية وهو أمر ضرورى ـ وفقا لكلامها ــ حتى يتطور المجتمع، أما بالنسبة للمعتقدات الدينية فهى لا تتعارض مع قيم النقابات العمالية ولا الحياة العادية.

في أحد الحوارات معها قالت مريم: “أنا مواطنة فرنسية، أزاول دراستى في مؤسسات عامة، وحجابى هو اختيار شخصى ارتديته عن قناعة دينية، لكن في إطار احترامى للقانون الفرنسى وللآخرين، ومن هذا المنطق لم تكن هناك حاجة لطرح هذا النقاش”.

تطمح مريم أن تصبح أديبة كبيرة وأن تعمل في منظمة غير حكومية، أفكارها جاءت من نشأتها المسلمة وعائلاتها الملتزمة المتعاونة، فهى ترى «أنه لا توجد حركة نسائية واحدة ولكن هناك اختلافا وتنوعا بين الجميع» وتؤمن بالتكامل بين الأديان، فالمسلمون والمسيحيون يكملون بعضهم في المجتمع، وتؤكد بأن الحجاب لا يتعارض مع وظيفة الشخص أو مجتمعه أيا كان ولا مبادئه، فهو حرية شخصية وجزء من المعتقدات الدينية، وهى تدافع عن جميع الفتيات سواء ارتدين الحجاب أم لا أو كن مسلمات أو من ديانات أخرى.

موجة عنف
أفكار الفتاة الشابة جعلتها تواجه موجة عنف وهجوما حادا قبل أكثر من أسبوع بعد ظهورها في مقابلة على القناة التليفزيونية الفرنسية “أم 6”، حيث تسببت في ردود فعل كثيرة، فبعض الفرنسيين لم يرق لهم رؤية فتاة مسلمة ترتدى الحجاب وهى تتحدث باسم نقابة طلابية على شاشة تليفزيون فرنسي، في حين رأى البعض الآخر أن الأمر لا يحتاج إلى بلبلة لكون الفتاة مندمجة في المجتمع الفرنسى واستطاعت بكفاءتها أن تترأس النقابة الطلابية.

وكان الجدل الأكبر قد فجره وزير الداخلية الفرنسى جيرار كولومب الذي لم يتردد في الإعراب عن صدمته من رؤية فتاة ترتدى الحجاب على شاشة تليفزيون فرنسي، حيث قال - في مقابلة تليفزيونية مع إحدى القنوات الفرنسية يوم 19 مايو الجاري- إنه “أمر صادم”، معتبرا أن الفتاة مختلفة عن المجتمع الفرنسي، بقوله “هذا الأمر يؤكد أنه من اللازم علينا أن نظهر النموذج الذي نسعى إليه.. من الواضح أن هناك نية لدى المسلمين الشباب لخوض معركة ثقافية، هل يسعى المسلمون في نهاية المطاف للتكامل مع النموذج الثقافى الفرنسي؟”.

تنظيم الدولة
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ربط الوزير الفرنسى بين موضوع مريم والشباب المتأثر بأفكار تنظيم الدولة بقوله “لدى شكوك، أظن أن بعض الشباب قد يميلون للاقتناع بنظريات تنظيم الدولة، لا بد من حوار ثقافى موسع لكى نصل إلى إسلام عصرى يتصدى للإسلام الرجعي”.

كان رد مريم رفضها الربط بين حجابها والشباب الذين ينجذبون إلى تنظيم الدولة، وقالت إن الأمر يتعلق بتربية الشخص، فكلما منحت الفرص للشباب كى يدرسوا ويذهبوا إلى الجامعة ويشكلوا آراءهم الشخصية، فلن تكون هناك مخاوف من وجود شباب يتجه نحو التطرف.

مريم واجهت بشجاعة الحملة المنظمة ضدها مؤكدة أنها لن تستقيل من رئاسة الاتحاد لأنها لم تفعل شيئا يخالف القوانين أو يضر بالصالح العام.

المواجهة
ووسط كل هذا الاعتراض والانتقادات سارع زملاؤها وأعضاء الاتحاد الذي ترأسه للدفاع عنها، وقالوا في بيان إذا كانت مريم تتعرض للانتقاد، فلأنها امرأة مسلمة ترتدى الحجاب ولأنها أيضا طالبة لها مسئوليات نقابية، كما أكدوا أنهم فخورون بموقفها وبتعليقها على المنتقدين لها، منددين بما حصل لها، كما تلقت الفتاة المسلمة الدعم في مواقع التواصل الاجتماعى عبر هاشتاج «ادعّم مريم»، وقد أقرت هي نفسها بأن التأييد الذي تلقته من زملائها ومن بعض الناس، ساعدها على تخطى الأيام الصعبة التي مرت بها بسبب الانتقادات التي وجت إليها.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية