تعذيب المعاقين في عام المعاقين (6)
خصصت الأمم المتحدة يومًا للاحتفال بذوي الإعاقة، ودعمهم وتعريف المجتمعات بقضاياهم، والعمل على توفير الإتاحة وتأهيل البيئة الدامجة لهم.. بعض الدول، ومنها الإمارات المتحدة، أبدت اهتمامًا لافتًا بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتبذل مجهودات متواصلة لتحسين الخدمات المقدمة لهم، ولتركيز على تنمية وتطوير قدراتهم، وتفعيل دمجهم المجتمعي، لإشراكهم في مسيرة البناء والتطوير، وضمان مستقبلهم لعيش حياة كريمة بكامل الحقوق.
وجاء إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، عن إطلاق مصطلح "أصحاب الهمم" بدلًا من ذوي الإعاقة، كجزء من السياسة الوطنية لتمكينهم، وكان له أثر عظيم في نفوس هذه الشريحة المجتمعية الذين شعروا بمدى اهتمام القيادة بهم وبخدماتهم، فيما تم كذلك تحديد مسئول في جميع المؤسسات والجهات الخدمية، يُعنى بالنظر والعمل على تسهيل واعتماد خدمات مخصصة لهم، بمسمَّى «مسئول خدمات أصحاب الهمم»، كما تم تأسيس المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم، والذي يضمُّ في عضويته أفرادًا من المجتمع معنيين بتقديم المشورة والرأي.
وتم وضع سياسة عامة تهدف إلى بناء مجتمع دامج وخالٍ من الحواجز والعقبات، يضمن تمكينهم وأسرهم، عبر 6 محاور، تشمل الصحة والتعليم والتأهيل المهني والتشغيل والحماية الاجتماعية والتمكين الأسري والحياة العامة والثقافة والرياضة وإمكانية الوصول.
وأطلقت حكومة دبي مشروع «البيئة المؤهلة للأشخاص ذوي الإعاقة»، بناء على معايير ومبادئ التصميم العالمي، والذي يُنَفَّذ كمشروعٍ مشتركٍ بين كل من الأمانة العامة للمجلس التنفيذي، وهيئة تنمية المجتمع، وهيئة الطرق والمواصلات، وبلدية دبي، بالإضافة إلى عدد من المطورين العقاريين، وذلك بهدف تحويل مدينة دبي بالكامل، إلى مدينةٍ صديقةٍ ومؤهلةٍ للأشخاص.
في مصر، كان إعلانُ الرئيس عبد الفتاح السيسي 2018 عامًا لذوي الإعاقة أثرا رائعا في حثِّ المسئولين على الانتباه لهذه الشريحة العريضة.. وإن كنتُ أعيبُ على بعض هؤلاء المسئولين اهتمامهم بالشكل دون المضمون، وبالتغطية الإعلامية، والتصريحات الوردية، وتجاهل الاهتمام الحقيقي، والفائدة المستديمة التي تعود على تلك الفئة.
هل نطمع في إعلان العاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من المدن والمجتمعات التي يعلن عن إنشائها باستمرار، مدنًا صديقة للمعاقين؟!
مطلوب إطلاق "عقد المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة"، بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال، مع الشخصيات العامة، ورجال الأعمال، بحيث تصبح الفترة من 2018، وحتى 2028، عقدًا لتأهيل البنى التحتية، ونشر الثقافة، وإصدار التشريعات، وتعيين مسئول بكل مصلحة وهيئة ووزارة ومحافظة لخدمة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وذويهم، ومرافقيهم..
وتحديد إمكان مخصصة لوقوف سياراتهم، ومنحهم الأولوية في كل الفرص، وزيادة النسبة المخصصة لتعيينهم من 5% إلى 13%، أو حتى 10%، والنظر في منح المعاقة المتزوجة الأحقية في الجمع بين معاشها ومعاش الأب، ومنح المعاق المتعطل إعانة بطالة، وتعميم لغة الإشارة في كل المصالح والأجهزة العامة والخاصة، والاهتمام بنشر الأبحاث وكتب التراث، فضلًا عن كل الكتب والإصدارات الدورية بلغة "برايل".
مطالب كثيرة ومتعددة للمعاقين وأهلهم.. يجب على الحكومة الإنصات إليها.. إنهم يعانون في صمت، دون أن يستمع إليهم أحد.. مثلًا تتصاعد شكاواهم من ارتفاع أسعار الأجهزة والأطراف التعويضية.. والأدوية المسكنة والمهدئة والعقاقير المخصصة لبعض حالات الإعاقة.
هل تعلمون أن فئة "الصم" ممنوعون من التمتع بميزة استيراد سيارات مجهزة بدون جمارك؟!
أين اللائحة التنفيذية للقانون رقم 10 لسنة 2018، والخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟! وزيرة التضامن وعدت أكثر من مرة بسرعة إصدارها، ولم يحدث!
وزارة التضامن الاجتماعي خصصت وحدة التدخل السريع لإنقاذ الأطفال المشردين، وخطًّا ساخنًا لخدمة الطفل، ألم يكن من الأولى تخصيص فريق لإنقاذ المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك إطلاق خط ساخن لخدمتهم، وتلبية احتياجاتهم، بدلًا من الاستمرار في تعذيبهم في العام المخصص لهم؟!