رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة تصدير الأزمات.. نقص التمويل وغياب التخطيط وراء مشكلات المياه والصرف.. عمرو على: لا يجب بناء مدن جديدة قبل استكمال مرافقها.. البستاني: حل مشكلات المياه يتطلب سياسة تقشفية والبحث عن مصادر جديدة

عمرو على ومحمد البستاني
عمرو على ومحمد البستاني

تحولت أزمات انقطاع المياه، ونقص خدمات الصرف الصحي إلى صداع مستمر في رأس الحكومة والمواطنين على حد سواء، في ظل تصاعد مشكلات المياه وانقطاعها لفترات طويلة عن مناطق كثيرة، وعجز شركات المياه عن التعامل معها وحلها؛ لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بنقص التمويل وضعف الكميات المنتجة من المحطات وتعثر تنفيذ محطات جديدة، إضافة إلى غياب الصيانة والإحلال والتجديد لشبكات المياه والصرف، أيضًا انتشار البناء العشوائي والمباني المخالفة.


وتبلغ نسبة تغطية مياه الشرب على مستوى الجمهورية نحو 96%، ويبلغ عدد المشتركين بشركات المياه 15.1 مليونا، وتصل كمية المياه المنتجة إلى 25.5 مليون متر مكعب/ يوم، ويصل نصيب الفرد من مياه الشرب المنتجة على مستوى الجمهورية إلى 280 لترًا/ يوم، ويتم إنتاج المياه من خلال 2711 محطة، بجانب 582 رافعًا، وطول شبكات المياه يصل إلى 165 ألف كم.

وتتنوع مصادر المياه (89% سطحية – 10.74% ارتوازي – 0.26% تحلية)، وتصل نسبة تغطية الصرف الصحي على مستوى الجمهورية لنحو 56.4% من عدد السكان، بعدد اشتراكات 7.64 ملايين اشتراك، ويتم معالجة الصرف الصحي من خلال 405 محطات، بجانب 2510 روافع، ويصل طول شبكات الصرف الصحي إلى 47.7 ألف كم، وتتنوع أنواع معالجة مياه الصرف الصحي (85.3% ثنائية – 12.7% ابتدائية – 2% ثلاثية).

من جانبه، أكد الاستشاري الهندسي عمرو على أن مشكلات وأزمات المياه والصرف الصحي في مصر تنقسم لنوعين؛ الأول يتعلق بالمدن القديمة والمناطق العشوائية، وهي مشكلات سببها الرئيسي عدم التخطيط وغياب دور الدولة في فترات زمنية وسماحها للمواطنين بالبناء المخالف وإنشاء مناطق جديدة بدون تخطيطها، وبالطبع دون تنفيذ شبكات مياه وصرف.. وبعد الانتهاء من إنشاء تلك المناطق تذكر المسئولون حاجتهم لخطوط مياه وصرف، وحل مشكلات هذه المناطق بالطبع ليس بالسهولة الممكنة، حيث يتطلب إنشاء شبكات صرف صحي في المدن القديمة في كثير من المواقف إزالة عدد من المساكن والعمارات، وهو أمر صعب على الدولة والمواطن.

وأشار عمرو على إلى أن النوع الثاني يتعلق بالمدن الجديدة، وهي تتعلق بتوسع الحكومة في طرح الأراضي منذ عهد وزير الإسكان الأسبق المغربي منذ 2007 بدون ترفيقها، وتنفيذ شبكات الصرف الصحي والمياه، وتم تسليم الأراضي للشركات والمواطنين دون مرافق؛ بما ضاعف من حجم المشكلة والأزمة.

وأوضح عمرو على أن تصاعد المشكلة سببه فشل الوزارة في إدارة الملف، وتنفيذ المحطات وتمويلها، وكذلك غياب التخطيط.. والحل الوحيد هو تطبيق ما توصل إليه العلم الحديث، وعدم بناء أي مدينة جديدة قبل الانتهاء من كل المرافق الخاصة بها، سواء شبكات المياه والصرف، والمدن القديمة لن تصل للحالة المثالية للحل، خاصة أن هناك مشكلات في مناسيب المباني والمياه بما يعرقل عملية التنفيذ، ومنذ أوائل الخمسينيات وتوسع المواطنين في العمران بدون تنفيذ شبكات صرف أو مياه من الحكومة، وإصلاح مشكلات المناطق القديمة يحتاج لتمويل بمليارات الجنيهات والدولة ليست قادرة عليه الآن.

ويتفق معه في الرأي المهندس محمد البستاني، عضو غرفة التطوير العقاري، مؤكدًا أن تكرار مشكلات المياه له عدة أسباب، وأبرزها غياب الصيانة اللازمة عن محطات وشبكات المياه، واستمرار الزيادة السكانية والبناء العشوائي في الكثير من المناطق، علاوة على دخول مصر لمرحلة شح مائي؛ بما انعكس سلبيًّا على كميات المياه التي تضخ للمحطات مثل مناطق القرى السياحية والمناطق النائية في البلاد والمحافظات والمدن الساحلية.

وأوضح البستاني أن الحل في هذا الأمر يتطلب إعلان وتطبيق سياسة تقشفية حقيقية في استخدامات المياه والبحث عن مصادر أخرى للمياه، سواء التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر أو استخدامات المياه الجوفية أو معالجة مياه الصرف الصحي، لافتًا إلى أن الزيادة المطردة في تعداد السكان، وحصتنا المائية ذاتها يضاعف حجم المشكلة، ولذلك لا بد من حل سريع لمشكلة سد النهضة الإثيوبي.

وشدد البستاني على ضرورة دراسة تجارب العالم في هذا الأمر للاستفادة منها ونحن لن نخترع العجلة، ولا بد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، لافتًا إلى ضرورة الاعتماد على زراعات لا تستهلك الكثير من المياه، ولا بد أيضًا من مراعاة الأسس التصميمية لخطوط وشبكات المياه.

وعلى مستوى مشروعات الصرف الصحي، أكد البستاني أهمية الاستفادة من تجارب العالم في تنفيذ محطات صرف مخفضة وبتقنيات وتصميمات حديثة، والاهتمام بضرورة معالجة المياه.

وشدد على ضرورة عدم طرح أي أراضٍ جديدة دون تنفيذ مشروعات المياه والصرف.. ووزارة الإسكان تؤكد كثيرًا أن ارتفاع أسعار الأراضي نتيجة تكلفة المرافق "مياه وصرف"، ولا بد من مراعاة التصميمات الهندسية في تنفيذ تلك المحطات.

فيما قال المهندس مجد الدين إبراهيم، وكيل وزارة الإسكان الأسبق: إن الكثافة السكانية العالية، وعدم وجود مشروعات جديدة تغطي احتياجات تلك الزيادة السكانية وراء استمرار مشكلات المياه والصرف الصحي.

وأشار إلى أن الحل المناسب لتلك الأزمة هو الاستمرار في بناء المدن الجديدة لاستيعاب الزيادة السكانية وتقليل الكثافات في المدن القديمة، مشيرًا إلى أهمية الاستعانة بالتكنولوجيا الجديدة في بناء المحطات، والاستفادة من التكلفة المخفضة في التنفيذ وفق التقنيات الحديثة.

وأضاف وكيل الوزارة الأسبق أن هناك الكثير من المدن غير مخططة، ولا يمكن بناء شبكات صرف بها، وإلا تعرضت المنازل بها للانهيار أو لجوء الحكومة لتنفيذ قرارات نزع ملكية، وهو ما يزيد من تكلفة تنفيذ تلك المحطات، مشيرًا إلى أن وزارة الإنتاج الحربي كان لها تجربة جيدة في إنشاء محطات مياه مصغرة، وبتكلفة مناسبة، ويجب التوسع فيها لتلبية احتياجات المواطنين والمساهمة في حل المشكلة.
الجريدة الرسمية