«عُمان» بوابة الحوار مع «إيران»
وضعت سلطنة عُمان منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي ومع انطلاق تجربة النهضة التي قادها السلطان قابوس بن سعيد، محددات واضحة المعالم لسياساتها الخارجية لم تحِد عنها طوال هذا التاريخ، حيث انطلقت متأثرة بحضارتها القديمة ومحتفظة بما فرضه عليها موقعها الجغرافي الحيوي، فلم تتأثر بما تأثرت به دول الخليج الأخرى، وظلت حتى يومنا هذا تمارس الحياد بنزاهة وشرف وأمانة، وتنطلق من أطر عروبتها وانتمائها الآسيوي العربي الخليجي الإسلامي.
تعاطت سلطنة عُمان مع الحداثة وفق منهج وطني أعاد للهوية العمانية أصولها وجذورها، ومارست سياسة مد الجسور بين الحضارات بشكل احترافى جعلها صاحبة رؤية وطنية خالصة.. عندما حاصرت الدول العربية مصر بعد معاهدة السلام كانت سلطنة عمان هي الدولة العربية الوحيدة التي قدرت لمصر حقها في اتخاذ ما تراه مناسبًا لتحرير أرضها، ورفضت إغلاق سفارتها بالقاهرة، وعندما أراد العرب العودة لمصر عادوا من بوابة عمان.
وعندما أغلق العرب سفاراتهم في بغداد قبيل الغزو الأمريكي الغاشم للعراق كانت سلطنة عمان هي الدولة العربية الوحيدة الباقية على أرض العراق، وعندما أراد العرب العودة إلى العراق عادوا من بوابة عمان، وعندما قاطع العرب- كل العرب- إيران ظلت سلطنة عمان على علاقات منفتحة على طهران، فهل يعود العرب إلى إيران من بوابة عمان؟!
أتصور أن بعض الدوائر الغربية التي تتحدث الآن عن حوار عربي إيراني، إنما تريد فك طلاسم التعقيدات التي يرسم ملامحها البيت الأبيض، وسلطنة عمان مؤهلة للقيام بدور فعال لمواجهة حرب طائفية يسعى بعض القادة العرب إلى إشعال فتيلها، رغم أنها لن تذر وسنخسر فيها جميعًا.. حرب قد تبدأ ولن تنتهي بسهولة.
ابتزاز أمريكا لدول الخليج يزيد الأمور تعقيدًا ويدفع بالمنطقة إلى حافة الهاوية.. هاوية لن نسلم منها جميعًا وربما تؤدى إلى تفكيك دول واندثار أخرى.. هاوية سترسم خريطة جديدة أكثر دموية من ذلك الذي نراه ملتهبًا في العواصم كافة.
وقاحة النموذج «الترامبي» الذي أسقط عن السياسة الخارجية الأمريكية قناع الزيف يسعى لابتزاز الخليج بفزاعة إيران، والحل الوحيد للإيرانيين والعرب هو حوار بناء نصل بموجبه إلى تفكيك أسباب الصراع وآثاره المدمرة، ومسقط هي العاصمة العربية التي أتصور أنها قادرة على القيام بهذا الدور.