٥٥ ألف مخالفة في يوم
زفت إلينا إدارة المرور خبرا مفاده أنها استطاعت تحرير ٥٥ ألف مخالفة مرورية في يوم واحد، الرقم مخيف وأنا على يقين أن الإدارة العامة للمرور قادرة على تحرير نفس العدد كل يوم، لا أحد يستطيع أن يشكك في جهود رجال المرور، فهم يعملون في ظل ظروف صعبة وقاسية، ولكن لا أتصور أن الأرقام المخيفة دليل على العمل، وأتصور أن تحرير هذا الكم من المخالفات في يوم واحد دليل إدانة ضد المرور وليس دليل نجاح.
في كل الدنيا تدل الأرقام الأقل في مخالفات المرور على الوعي المروري والانضباط وليس العكس، لاحظت أنه لا توجد مخالفة واحدة ضد توك توك، ولا واحدة ضد ميكروباص، ولا مخالفة سير للكارو في الشوارع، التوكتوك لم يعد واقعا فقط، بل أصبح محميا حال كونه غير موجود على الأوراق من أساسه، أما الميكروباص فإنه يذكرنا بالوزير حبيب العادلى الذي قال إن ٩٠٪ منه تابع لرجال أمن!!
المرور ليس مخالفة تحرر، المرور وعي وانضباط وحالة أعمق بكثير من فكرة جباية الأموال، المرور قضية قومية تحتاج من وزارة الداخلية أن تشارك الناس فيها، أن تجعل الإعلام رأس حربتها، أن يتحول إلى ميكنة، كاميرات تراقب وتحرر المخالفات، وجراجات تفتح وطرق تمهد، ولافتات توضح للناس طريقهم، المرور سلوك إن انضبط انضبطت معه كل إيقاعات الحياة، المرور حالة أخلاقية لا بد من ضبطها، وآخر طرق الضبط جباية الأموال.
إن الإدارة التي تستطيع تحرير ٥٥ ألف مخالفة في يوم واحد، قادرة على الضبط والربط بلا أية مخالفات إن صحت النوايا وسلمت الإرادة، وخلصت الإدارة، ضبط المرور حماية لرجل الأمن وللمواطن وللمجتمع، حماية لضابط يمارس عمله وسط مخاطر التلوث والخطر المحيط به، وبيئة العمل التي تفرض عليه ساعات عمل مضاعفة، الوسائل الحديثة تحتاج منا المطالبة بتوفير الدعم المادي الكافي لخلق بيئة عمل أفضل، وإحلال الميكنة محل الفرد المنتصب وسط الطريق يواجه الموت وحده.
العالم كله سار خطوات واسعة في هذا المجال، ومصر وأبناؤها ليسوا أقل من غيرهم في حياة لا تقوم على الجباية، حتى أصبح لسان حال المواطن كلما رأى لجنة مرورية: البلد محتاجة شوية فلوس.. هذا لا يعنى أننا لسنا أمام فوضى مرورية، ولكن ضبط الفوضى علم، وليس تحرير مخالفة.