رئيس التحرير
عصام كامل

كل الطعام لله.. «موائد الرحمن» رحمة للأغنياء والفقراء (فيديو)

فيتو

مكبرات المساجد تذيع ما تيسر من آيات الذكر الحكيم.. في الأسفل تتراص «المناضد»، لتشكل ما يعرف بـ«مائدة الرحمن».. الأفواه تنتظر «مدفع الإفطار» لتناول ما يسد الجوع بعد ساعات من «الصيام».. شباب يقف متحفزا لمد «الصائم» بـ«الوجبة».. ويتلقف في المقابل «الحسنات».

«الخير».. سباق يبدأ مع الساعات الأولى من شهر رمضان الكريم، يتنافس فيه الغني والفقير.. تجد «موائد الرحمن» في كل حي ومنطقة وشارع، تتنوع أصناف الطعام حسب «المقدرة».. ويخرج الجميع في النهاية «راضيا مرضيا». 

«موائد الرحمن» فكرة عرفها العالم الإسلامي وتعاقبتها الأجيال، فحرص رؤساء مصر منذ قديم الأزل على إقامتها، ومن بعدهم أخذها الأغنياء عادة من بعدهم؛ لإفطار الفقراء والمحتاجين عليها، من أجل رضا الرحمن.

«خير الناس أنفعهم للناس».. لافتة كبيرة معلقة على إحدى النواصي المجاورة لمسجد «أم العواجز» بمنطقة السيدة زينب، لتعلن استعدادها لاستقبال «الصائمين»، كعادتها منذ ١٠ أعوام.

وتستقبل «مائدة السيدة زينب»، «عباد الرحمن» من سكان المنطقة والمناطق المجاورة، من المحتاجين والذين اضطرتهم الظروف للإفطار في رحاب الله.

ويروي أحد المنظمين- رفض ذكر اسمه: «احنا خدامين للناس، وبنعمل ده لوجه الله، وبنطبخ بإيدينا، ستاتنا بتطبخ فوق، واحنا بنسوي في الأفران تحت، وبنفرش كل يوم طول رمضان، وأكلنا نضيف وفاتحين بابنا للقريب والغريب وساعات بنفطر مع الناس هنا». 

أطفال تحملهم «البهجة»، يقفزون كالفراشات قبل أن يحملوا الأكواب والأطباق لوضعها على الطاولات المتراصة بطول الشارع.. في المقابل «مسن» يضبط الإذاعة على محطة القرآن الكريم.. «شاب» يحمل الكراسي مهرولا «المغرب فاضله نص ساعة يا جماعة».. هنا يبدأ البعض في التوافد وأخذ أماكنهم على الطاولات، لا يعرفون بعضهم البعض، يشربون من كوب واحد، ويقتسمون رغيف واحد، تجمعوا من أجل "لحظة آذان المغرب"، ليصبحوا أسرة واحدة تتناول الإفطار على مائدة كبيرة، يمضي بعدها كل منهم إلى طريقه، فهو لقاء المرة الواحدة، فهذا الكرسي الذي تجلس عليه هذه السيدة المسنة بجوارها حفيدتها، قد يجلس عليه غدا شاب مغترب، وبعد الغد آخر...

عكس ما يبدأ العمل في هذه المائدة، نجد على الجانب الآخر في أحد الميادين الواسعة بالمنطقة مجموعة من الشباب والرجال يرتدون قمصانا تحمل توقيع «مؤسسة الجود الخيرية».

«حسن شحاتة» مشرف مائدة السيدة زينب، والتي بدأت منذ عام ٢٠٠٤، التقط أنفاسه شارحا: «المائدة دي من الأقدم هنا، كان الأول عندنا مطبخ هنا، لكن المؤسسة قررت تعمل مطابخ مركزية توزع منها على الـ ٢٧ مائدة اللي بتنظمهم المؤسسة في رمضان في مناطق مختلفة، الوجبة بتوصلنا مغلفة ومؤمنة، عشان صحة الناس، واحنا بنجهز لاستقبال الناس بس، ونبدأ في التوزيع قبل الفطار بـ ١٠ دقائق».

«ارتفاع الأسعار» لم تمنع المعتادين أو المؤسسات الخيرية من «فعل الخير»، وهو ما فسره البعض قائلا «العمل الخيري لا يحتاج سوي نية خالصة وتوكل على الله، ثم السعي فيأتي الرزق وتحل البركات».. معتقد الناس هو ترجمة للحديث الشريف المكتوب فوق لافتة كبيرة «لله تعالى عباد اختصهم بقضاء حوائج الناس.. حببهم في الخير وحبب الخير إليهم».
الجريدة الرسمية