أحمد بهاء الدين يكتب: كعك العيد
في مجلة روز اليوسف عام 1960 كتب أحمد بهاء الدين مقالا بمناسبة عيد الفطر المبارك وظاهرة كعك العيد، قال فيه:
«لا تأتي مناسبة عيد أو رمضان إلا وينهال الكتاب والإذاعيون لوما وتقريعا على الناس السخفاء الذين يعلقون كل هذه الأهمية على شراء الياميش أو الكعك أو السمك البكالاة.
وتنشر الصحف إحصاء رسميا يقول إن كعك العيد يكلف مصر مليونين من الجنيهات، ويمصمص قارئ شفتيه قائلا: ياسلام مليونين كانت تكفي لإقامة مصنع.
وكل واحد من هؤلاء الذين يكتبون ويتحدثون، في بيته الياميش والكعك والسمك البكالاة، لأن لديه النقود اللازمة لذلك، ولا يزعجه كثيرا إذا زاد الثمن قرشا أو قرشين، وإذا كان منهم من لم يصنع الكعك فلأنه سيخطف رجله إلى الإسكندرية ليقضي أيام العيد على شاطئ البحر.
لكن هذا ليس حال الجميع، فالأغلبية الساحقة من البيوت المصرية لاتدخلها الحلوى إلا مرة واحدة في السنة، عندما تصنع كعك العيد، فصنع الحلوى عند ربة هذا البيت حادثا فذا، تستعد له وتفرح وهي تغمس يديها في عمله، وتعوض به حرمان شهور طويلة.
إن الحلوى ليست ممنوعة الصنع طول العام، بدليل أن هناك ناسا يأكلون الحلوى ويصنعونها ويشترونها من المحال طول السنة، وهؤلاء لايهمهم كثيرا كعك العيد، لأن لسانهم يتذوق الحلوى طول السنة.
وإذا كان استهلاك الدقيق والسكر يزيد في أسبوع العيد، فلأن عددا كبيرا جدا من الناس لايذوق الحلوى إلا في أسبوع العيد.
إنه جميل حقا أن نطالب بالتقشف، ولكننا يجب أن نفكر دائما من الذين نطلب منهم التقشف؟ هل هم المحرومون أصلا، أم الذين عندهم فائض كبير؟
صحيح أن كعك العيد يكلف مليونين من الجنيهات، لكن كعك العيد هو المسرة البسيطة النادرة بالنسبة لناس كثيرين.
واجبنا، على العكس، أن نحاول توفيرها لهم، أما الملايين التي نحتاجها لبناء المصانع، فما أكثر الوجوه التي نوفرها لهم».