تعذيب المعاقين في عام المعاقين (1)
عندما يجتمع الابتلاء بالمرض، مع ضيق ذات اليد، تولد المأساة، وإذا كان المرض أمرًا طارئًا، حل محل صحة جيدة في جسم سليم، تكون المشكلة أكبر، والمأساة أكثر عمقًا، هذا بالضبط هو حال "أيمن"، الذي كان يعمل مسئول سلامة وصحة مهنية بعدد من كبريات شركات القطاع الخاص، ويعيش بمدينة "العبور"، شمال محافظة القاهرة، وكانت الحياة سهلة ورغيدة له، خاصة أن زوجته تعمل هي الأخرى بإحدى شركات الطيران.
لكن دوام الحال من المحال، فعلى حين غرة، كشرت الدنيا عن أنيابها، ووقع حادث سيارة "ميكروباص" كان يستقلها أيمن، متوجهًا إلى مدينة العاشر من رمضان، وتحطمت تمامًا، ومات كل من فيها، وخرج هو حيًّا، إلا أنه أصيب بإعاقة بالغة الشدة، فقد كان يعاني من انحناء بسيط في العمود الفقري، يكاد لا يشعر به، فازدادت قوته، لدرجة أنه لم عجز عن مواصلة عمله وحياته الطبيعية.
حدث ذلك عام 2007، وظل ماكثًا بمنزله نحو عامين وشهرًا، وأصيب باكتئاب حاد، وباع كل ما يملك للعلاج، واضطر للجوء للجمعيات الخيرية، حتى توسط أهل الخير لدى وزير الصحة الأسبق د. محمد عوض تاج الدين، ليأمر بعلاجه على نفقة الدولة، وتمكنت زوجته من ضمه لمشروع العلاج الذي تقدمه إحدى شركات القطاع الخاص الطبية، فحصل على أدوية شهرية بقيمة 2850 جنيهًا، و6 جلسات علاج طبيعي، مع إمكانية الفحص لدى 3 أطباء.
وأثناء تردد "أيمن" على إدارة الشئون الاجتماعية للبحث عن دعم ومساعدة، نصحه البعض بالتوجه إلى إحدى المؤسسات الاجتماعية المعروفة، أكدوا له أنها تقدم العديد من المساعدات للمعاقين والمحتاجين.
كان أطباء العلاج الطبيعي قد نصحوه بضرورة الخضوع لبرنامج غذائي لتخفيف الوزن، وعندما توجه للمؤسسة أخبروه بأنهم يستطيعون تقديم وجبة صحية له كل يوم، بشرط الحصول على أوراق العلاج التي تقدمها له الشركة، ووافق بالطبع.
استمر ذلك مدة 3 شهور فقط، دون أن يعلم لماذا حرص مسئولو المؤسسة على الحصول على أوراق العلاج، وتكرر ذلك مع 34 معاقًا آخر، علم الرجل بعد ذلك أن المؤسسة كانت تجلب تبرعات من رجال الأعمال، مستخدمة تلك الأوراق لخداع المتبرعين بأنها تقدم كل الأدوية والمبالغ المدونة بالأوراق للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
فجأة حدثت مشكلات حادة وخلافات بين المهيمنين على المؤسسة، فتوقفت -منذ 17 ديسمبر 2017- المساعدات الزهيدة التي كان يتلقاها المعاقون، ومنهم أيمن، الذي كان يحصل على "وجبة دايت" كل يوم لمساعدته على فقدان الوزن، الصدمة كانت في المعلومات التي انتشرت بين المتعاملين مع المؤسسة، إثر تصاعد الخلافات بينهم؛ إذ اكتشفوا أنهم وقعوا ضحايا لأسوأ عمليات نصب وخداع.
عرفوا أن رئيسة مجلس الأمناء، تمتلك شقة بنحو 2 مليون جنيه، وفيلا بالعبور من 4 طوابق، أنشأت بها مطاعم ومطابخ لبيع الوجبات الجاهزة على أنها من إنتاج الأرامل واليتامى والمعاقين.
حرر المعاقون محضرًا في قسم شرطة العبور برقم (404 لسنة 2018)، وحُفِظَ إداريًّا، إلا أن رئيس نيابة العبور علم بالموضوع فاستدعى المحضر، واستدعى المسئولين عن الجمعية ثم أُخِذت أقوال المتضررين.
الغريب أن المتهمين أنكروا كل شيء في أقوالهم أمام النيابة، وذكروا أن المؤسسة لا تعرف الشاكين ولا تتعامل معهم، بل واتهمتهم بالابتزاز.
أكد لنا "أيمن" أن المؤسسة وعدته بالعمرة، وطلبت منه جواز السفر، ثم رفضت إعادته حتى الآن.
قدم شكوى للنائب العام برقم (1071/208 عرائض)، وإلى الإدارة العامة للتأهيل بوزارة التضامن برقم (37611749)، وشكوى إلى مكتب الوزيرة د. غادة والي، وتسلمتها مساعدة الوزيرة، تحمل رقم 10 بتاريخ 22 يناير 2018، ثم شكوى إلى الرقابة الإدارية في 12 فبراير 2018.
لمن يلجأ "أيمن" لإعادة أوراقه، وخاصة جواز سفره، الذي استولت عليه المؤسسة؟ ومن يساعده في سرعة استئناف علاجه بعد أن توقف منذ شهور؟ وفي هذا خطورة بالغة على حياته.
لمن يلجأ "أيمن" لإعادة أوراقه، وخاصة جواز سفره، الذي استولت عليه المؤسسة؟ ومن يساعده في سرعة استئناف علاجه بعد أن توقف منذ شهور؟ وفي هذا خطورة بالغة على حياته.