رئيس التحرير
عصام كامل

خالد محيي الدين.. وتذكرة المترو !


كاد مقالى الأسبوعى ينتهى مبكرا على غير العادة، السبب فقدان مصر أحد أبرز رجالها النبلاء، أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، ولكن جاء قرار رفع ثمن تذاكر مترو الأنفاق صدمة للمواطن وللشارع المصرى، مترو الأنفاق هو أكبر وسيلة مواصلات في مصر، ويستخدمه على الأقل خمسة ملايين مواطن يوميا حسب تقديرات وزارة النقل، وأمر الزيادة معروف ومنذ جاء الوزير الفاشل ليس له حديث إلا عن رفع ثمن التذاكر.


لأنه محدود القدرات.. أسهل حل هو جيب المواطن البسيط الذي لاحول له ولا قوة، المفاجأة ليست في زيادة الثمن، ولكن أولا في التوقيت الغبى الذي تئن الأسرة المصرية وهى مقبلة على شهر رمضان المبارك، وعبء هذا الشهر على ميزانيتها، الأمر الثانى حجم الزيادة التي تجاوزت كل التوقعات كما تجاوزت تصريحات الوزير نفسه.

في مارس العام الماضى تم رفع ثمن التذكرة بنسبة 100%، من جنيه إلى جنيهين، وبالتالى تضاعف دخل المترو ومع هذا استمر الوضع أسوأ، والتردى هنا إدارة وليس نقص إمكانيات مادية، بدليل تحول عربات المترو إلى سوق عشوائى! تحول محطات المترو إلى سوق عشوائى وأكشاك قميئة بموافقة الوزارة!

هل هذا يحتاج إلى مليارات!؟ حتى العقلية التي تدير المترو رجعية، أصبح يوضع أمام السائق مثل الأتوبيس آخر محطة للمترو في ظاهرة في غاية التخلف، السؤال: في خلال 14 شهرا يتم رفع ثمن التذكرة من جنيه إلى سبعة جنيهات أي مضاعفة الثمن إلى 700%!

مضاعفة الثمن سبعة أضعاف هل هذا منطق؟ هل هذا يرضى الله، وبلا حياء يخرج الوزير الذي قارن يوما ما بأن التذكرة في مصر تشترى بيضة وفى فرنسا ثلاث، هذا الوزير صرح بأن تذكرة المترو في مصر أرخص من مثيلاتها في السويد وسويسرا والدنمارك وأمريكا وألمانيا!

هل هذه تصريحات تصدر من مسئول يقدر حجم المسئولية ولديه وعى بالحياة والسياسة ويشعر بالمواطن!؟

كنت أتمنى أن يعلن متوسط دخل أقل مواطن في أغنى دول العالم التي قارن بيننا وبينها! وزير لا يملك الحد الأدنى ليكون مسئولا.. الغريب والمؤلم أن يعلن بعد ما سبب كل القلق والألم للمواطن: أنه مبسوط بعد رفع ثمن تذكرة المترو!.. حسبنا ونعم الوكيل بحق هذه الأيام المباركة.

أعتقد أن حديثنا عن ثمن تذكرة المترو يمكن أن يكون مدخلا مهما للحديث عن الراحل النبيل الزعيم خالد محيى الدين، رجل لم تغيره الأيام، كان يرى أن اليسار هو الحل لإنقاذ مصر، حتى بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، وبدأت مرحلة جديدة ظهر من خلالها تخلى السادات عن كل منجزات ثورة يوليو، لم يتراجع وتمسك بمبادئه اليسارية. 

وأذكر هنا الحوار الساخن بينه وبين السادات عندما أطلق السادات حرية تكوين منابر سياسية، وفى لقاء مع السياسيين قال السادات: الناصريون مكانهم حسب الوسط وليس كما صرح خالد أنهم في اليسار! وتحدث خالد محيى الدين ورد مؤكدا أن الناصريين مكانهم الطبيعى اليسار وأخذ يعدد الأسباب، ولكن هذا استفز السادات فتم قطع الصوت عن خالد محيى الدين، وعاد صوت السادات: خلاص يا خالد.. أنا قلت إن مكان الناصريين الوسط وخلاص!

وهذا الحوار كان بمثابة إشارة البدء في محاولة للنيل من النبيل خالد محيى الدين، فانطلقت مؤسسة أخبار اليوم في حملة عنيفة استعانت بنجمين في عالم الثقافة، الكاتب الكبير خالد محمد خالد، والكاتب الكبير الدكتور مصطفى محمود، وتصدى بجسارة لهم الزعيم خالد محيى الدين، خاصة كان هناك إشارات غير مباشرة وكأنه طالما يسارى فهو ملحد أو كافر. 

والغريب أن هذه الحملة رسخت مكانة هذا الصوت النبيل والذي لا يتحدث إلا بالعلم ولا يتجاوز، حتى عندما صدر كتاب د.مصطفى محمود "حوار مع صديقي الملحد" في رمزية أنه خالد محيى، ولكنه تجاهل الأمر تماما، وعندما كتب خالد محمد خالد "إنها لعبة الموت يا صديق" رد عليه أنها الحياة وليس الموت!

وعلى مدى حياته كان دائما ممثلا للبسطاء والغلابة في مجلس الشعب، عندما ضاق السادات بالمعارضة في السبعينات وحل مجلس الشعب، وأسقط من أراد، إلا أن رجاله فشلوا في إقصاء خالد محيى الدين ونجح وكان صوته هو صوت المواطن في مجلس الشعب وفى كل مكان..

الحديث عن هذا الرجل النبيل يطول، وليته كان بيننا ليشاهد الحكومة وهى تدهس البسطاء الذي عاش حياته حاملا شعار الدفاع عن حقوقهم.. رحم الله الزعيم خالد محيى الدين الذي يعد رئيس الحزب الوحيد الذي ترك رئاسته وهو على قيد الحياة، فقد ترك رئاسة حزب التجمع راضيا بما قدم من جهد من أجل وطنه، ولنا عودة مرة أخرى للحديث عن هذا النبيل..وتحيا مصر!

الجريدة الرسمية