قلم أمريكاني!
النكتة القديمة التي حفظها أغلب المصريين عن ابن الصعيد الذي رفضوا دخوله أحد المباني بالولايات المتحدة فعاد وتنكر فعرفوه وأعادوه.. ثم عاد وتنكر في زي ثالث فعرفوه وأعادوه.. وهكذا عدة مرات حتى أخبروه عن السر وهو إصراره كل مرة على ارتداء السروال الصعيدي الطويل والصديري المصاحب له تحت كل الأزياء التنكرية التي ارتداها!
هكذا الكاتب الأمريكاني إياه.. يمدح على استحياء حرب أكتوبر، لكنه يتحرش بسيرة الجيش المصري بمناسبة مرة وبلا أي مناسبة عشرات المرات.. يؤكد عند اللزوم أن 30 يونيو كانت حتمية، لكنه يلمح ويصرح باستمرار أن مصر بعدها ذهبت للأسوأ!
هو أكثر العارفين بالدلع الذي يعيشه القطاع الخاص في مصر منذ الانفتاح الاقتصادي من إعفاءات ضريبية بالقانون وتهرب ضريبي بالتغاضي عن القانون ودعم تصدير بالملايين، ومع ذلك لا يفوت مناسبة إلا الصراخ بضرورة إتاحة الفرصة للقطاع الخاص ورفع التدخل الحكومي الذي يعرقل عمل القطاع الخاص، ويجعل المنافسة صعبة..
وهو أيضا أكثر العارفين أن الحكومة غير قادرة أصلا على أي شيء وأن من يضع يده في البناء في مصر هو الجيش العظيم الذي يشرف ويدير على أهم المشروعات في مصر الآن، من جبل الجلالة إلى العاصمة الإدارية ومن العلمين الجديدة إلى الإسماعيلية الجديدة ومن المليون وحدة سكنية للإسكان الاجتماعي إلى المليون ونصف المليون فدان!
ولولاه ما انطلق مشروع من هذه المشاريع التي سلمت بالكامل للقطاع الخاص نفسه!
لا يتوقف عن السخرية من مشاريع وأحداث تاريخية كبرى في مصر يكون الخلاصة منها أن علينا أن نعرف "حجمنا" بين الأمم، وأن حديث الكرامة الوطنية ليس إلا "إنشاء" لا معنى لها وهي "مخلفات غوغائية" لا قيمة لها، ولا يمنع الانتقال السريع من حديث صراعات في التاريخ الإسلامي فهو من صميم تاريخ المنطقة، وبعدها يقفز سريعا إلى حياة الأمريكان فهي الحلم والأمل والمرتجى ونهاية التاريخ، ولا يمنع ذلك من كتابة أدبية أو قصة قصيرة تكون لها إسقاطاتها عن المجتمع المتخلف الذي لا يستحق البقاء فيه ولا الحياة فيه لكنه لن يقول ولا "الدفاع عنه" لكنه يتركها لاستنتاجنا بفعل دوائر الاستقبال في العقل البشري!
لا يعني ما سبق أن كل من كتب مرة عن موضوع أو أكثر مما سبق أنه "قلم أمريكاني" إنما نتحدث عن فكرة "المضمون الشامل" الذي يعمل عليه هذا القلم الأمريكاني.. فالكتابة المباشرة انتهت من العالم كله.. الآن يتم تفكيك الرسالة المراد إرسالها إلى مقالات مختلفة.. وأحيانا إلى أعمال مختلفة ما بين رواية وكتاب ومقال ومسرحية.. وأحيانا يتم فك الرسالة على أكثر من شخص.. أحدهم يكتب والثاني يغني والثالث يقدم برنامجا ساخرا والرابع يكتب للصحف والخامس ينتج فيلما وهكذا!
كثيرة هي الأقلام الأمريكية.. لكن.. يظل السروال والصديري تحت كل الملابس الحديثة التنكرية تكتشفه الحاسة الوطنية لكن لن تكتفي باكتشافه إنما مسئوليتها كشفه وفضحه بل ومواجهته حتى النهاية.. نهايته!