رئيس التحرير
عصام كامل

بلاغ إلى الرئيس


هذا بلاغٌ للرئيس، فهو وحدَه القادرُ على التعامل معه واستبيان ما فيه منْ مُخالفاتٍ قانونيةٍ. سيادة الرئيس.. لقد صرَّحَ رئيسُ مصلحة الضرائب مؤخرًا، كاشفًا عن "تهرُّب بعضِ الكبار" من دفع الضرائب الحقيقية، عبرَ الالتفافِ حولَ القانون، وتقديم بياناتٍ مزورةٍ ومعلوماتٍ مُلفقةٍ عنْ دخولهم "المليونية"، ومنْ ثمَّ لا يدفعونَ سوى بضعةِ آلافٍ منْ الجنيهات.


ولأنَّ الأرقامَ أكثرُ دلالةً من الكلام، فهذا مُحامٍ يمتلكُ مكتبين كبيرين، ويعملُ معه أولادُه الثلاثة، وييتباهى منذ عشرين عامًا بأنَّ أتعابه تتجاوز مليونَ جنيه في القضيةِ الواحدة، لم يدفعْ هذا العام سوى 38 ألف جنيه، ومُحامٍ ثمانينى يشغلُ منصبًا حزبيًا كبيرًا لم يدفع سوى 75 ألفًا، ومُحامٍ ثالثٌ تخصَّصَ في السنوات الأخيرة في الدفاع عن رموز نظام "مبارك" وكبارِ الساسة ورجالِ الأعمال، وتتجاوزُ أتعابُه في القضية الواحدة 5 ملايين جنيه، ورغم ذلك لم يدفعْ سوى 300 ألف جنيه، وفنانٌ كبيرٌ من الذين يحصلون في العمل الواحد على عشراتِ الملايين، لم يدفعْ سوى مليونى جنيه.

وفى العام الماضى مثلًا.. بلغتْ الضرائبُ المستحقة على ممثلة شابة متألقة في السينما والتليفزيون والإذاعة والغناء والإعلانات والبزنس 5 جنيهاتٍ فقط!! هذا يحدثُ في الوقتِ الذي صرَّح وزيرُ المالية فيه بأنَّ مصلحة الضرائب تستهدف هذا العامَ تحصيلَ 610 مليارات جنيه.

سيادة الرئيس.. إنَّ هؤلاء " الكبارَ" ما فعلوا ذلك إلا أنَّهم أمنوا العقاب، فقدْ فعلوها كثيرًا، هم وغيرُهم، مُتحصِّنين بـ "ألاعيبَ ماكرةٍ"، شيَّدوا بها مجدَهم الزائفَ.

سيادة الرئيس.. إنَّ رئيسَ مصلحة الضرائب يقولُ: إن المصلحة تدركُ تمامًا "هذه الألاعيبَ"، ولكنها لا تستطيعُ أن تُحرِّك ساكنًا. ولا يخفى عليكَ – سيادة الرئيس- أنَّ هناك كياناتٍ محاسبيةً كبيرة تتخصصُ في إعداد المستندات والبيانات المزورة عن الأرباح لكبرياتِ الشركات، وتحويلها إلى "خسائر"، ما يتسببُ في إهدارِ الملياراتِ من حقِّ الوطن والشعب.

سيادة الرئيس.. إنَّ السوادَ الأعظمَ منْ الشعبِ، لا سيما من أقعدُهم المرضُ والعمرُ المُتقدمُ، يعانى ظروفًا صعبة، وضيقًا في الرزق، وشظفًا في العيش، فهلْ منْ العدالةِ أنْ تكونَ هناك فئة محدودة ومُقرَّبةٌ تحظى بكل شيء، ثم تضنُّ على "بلادها" بأقل القليل وهو: "الضرائب"؟

سيادة الرئيس.. إنَّ توجيهاتك الحاسمة قادرةٌ على إعادةِ الأمور إلى نصابِها الصحيح، واستجلاءِ الحقيقةِ في تهرُّب المشاهير منْ الضرائبِ المُستحقة عليهم، وكشف كلِّ العناصر الفاعلةِ في عملية إهدار حقوق الدولة المصرية التي تتحملُ ديونًا مُتراكمة في الداخل والخارج، ويعيشُ أكثرُ منْ ثلثِ شعبِها تحتَ خطِّ الفقر.
الجريدة الرسمية