أحمد بهجت: رمضان بغير مقهى الفيشاوي بحر بلا سمك
في كتابه (مذكرات صائم) كتب أحمد بهجت مقالا عن مقهى الفيشاوي، قال فيه:
«قال الحاج الجنايني، أكبرنا سنا، نسهر في حي الحسين هذه الليلة، رمضان بغير الفيشاوي بحر بغير سمك، هناك نشترى مسبحة جديدة وعصا وبخور، هناك نصلي ونقرأ الفاتحة ونتذكر استشهاد أجدادنا.
على يسار مسجد الحسين شريط ضيق هو الأثر الوحيد الباقي من الحي القديم.
ذهبنا إلى هناك وبحثنا عن مقهى الفيشاوي، وكانت الإجابات متضاربة ومختلفة، بحثنا عنها بأنفسنا، وجدنا كل شيء يباع أمامنا، حب العزيز يسافر من طنطا إلى الحسين احتفالا بشهر رمضان.
جيش هائل من باعة السبح، والسبحة ليست من الدين لكنها تقليد ووجاهة، إنها تخلع عليك صفة الرجل المحترم الذي يعرف دينه.
وصلنا إلى آثار المبنى القديم للفيشاوي، فلول الباعة تمر وسط المقهى، الرحمات تنزل على مبنى المقهى القديم، عمره مائة وخمسين سنة، مليء بآلاف الصواني القديمة والبراويز المملوكية والتماسيح المحنطة المعلقة في سقف المقهى.
كان الناس يحبون مقهى الفيشاوي، وكانوا يرتادونه دائما، فهو المكان الوحيد الذي يمكنك أن تسهر فيه إلى الصباح دون أن يسألك أحد.
تجد فيه الوزير والفنان والهارب من العدالة، تجد الآفاق والمتدين واللص والمجذوب والسائح والشحات والمتسول.
كل زوار القهوة ولي من أولياء القهوة والشاي، كان الفيشاوي صاحب سمعة عالمية مثل الحي اللاتيني في باريس، وحي هارلم في نيويورك، كان حي الحسين في القاهرة.
قرر أحد العباقرة هدم الفيشاوي القديم وبناء فيشاوي جديد، ومات صاحب المقهى الحاج الفيشاوي من الحسرة.
جلسنا في الشيء الذي كان مقهى الفيشاوي، وطلبنا الشاي والشيشة، طلب أحدنا أن نتسحر الفول من عند "أبو حجر"، لكنه كان مغلقا بسبب آثار الهدم.
اتجهنا إلى مسجد الحسين نصلي الفجر ونستمع إلى القرآن، المسجد مكان يشبه الروح والريحان، قلت السلام عليك ياسيدنا، ثم قرأت الفاتحة وصليت ركعتين تحية المسجد ثم جلسنا نستمع إلى القرآن».