رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد بهجت يروي تفاصيل «معركة الإفطار»

أحمد بهجت
أحمد بهجت


في كتابه "مذكرات صائم"، وفي فصل بعنوان (مدفع الإفطار) يقول الكاتب أحمد بهجت:

«لم أكد أفتح باب منزلي حتى استقبلتني سحابة ضبابية من روائح الشواء والمسلوق والمحمر والمشمر والحلوى، مسحت شفتي الصائمتين وابتسمت.


نحن في انتظار مدفع الإفطار، أكبر أبنائي ينظر إلى ساعة الحائط، تأملت مائدة الطعام، أهداف إستراتيجية كاللحم والبطاطس، وأهداف تكتيكية كالفول والسلطة، وثمة أهداف تكميلية كالكنافة والقطايف.

كمية الطعام هائلة تؤكد أن رمضان كريم، لانطهو بغير السمن البلدي، فنحن قوم محافظون، استخدمت زوجتي يوما السمن الصناعي فكدت أطلقها.

انطلق مدفع الإفطار، وبدأت العمليات العسكرية، مددت يدي إلى ثلاث بلحات جافة تضعها زوجتي على المائدة، تعودت أن أفطر على البلح عملا بسنة رسول الله، هذا ما بقى من الإسلام في بيتنا، تذكرت أفضل خلق الله كيف كان يصوم ويفطر.

شهر رمضان عند المسلمين الأولين كان شهر نزل فيه القرآن، وكان شهرا يتخفف فيه البدن من البدن، وتلتقى فيه الرحمة بالإخلاص والجوع بالحب، وكان شهرا تعاود فيه الروح اتصالها بخالق الروح.

انتهيت من الطعام، أحسست بوخم شديد ورغبة في النوم، فلم أكد أدخل غرفة النوم حتى دخلت زوجتي الغرفة ومعها طبق من الكنافة والقطايف.

كان لا يوجد في عهود الإسلام الأولى لا كنافة ولا قطايف، كان رسول الله إذا شبع استغفر الله لأن في المسلمين جائعا لم يشبع.

دخلت الكنافة والقطايف تاريخ المسلمين حين خرج الحب من القلوب، وصار الإسلام سبحة معطلة وفانوسا أثريا وكلمات تتمتم بها الشفاه.

اتكأت على فراشي ورحت أدخن، ثمة دوار يشبه دوار الحب الأول، أبنائي يجلسون حول جهاز الراديو، ومن بعده التليفزيون ساعة الافتتاح وهات يا دوشة.

عدت أحاول النوم عبثا، فجأة سألني ابني الأصغر: لماذا نصوم؟ قلت: علشان الأغنياء تحس بجوع الفقراء، فقال ولماذا يصوم الفقراء؟
قلت له: إن الصوم في حقيقته هو نوع من الحب، هو العبادة الوحيدة التي لا تظهر على صاحبها فهي بين العبد وربه.

إن كمال الحب أن يطيع، ولا تسأل عن حكمة الإجراء وموجباته، وجاء زمن الصيام الذي نصوم فيه لنسهل عملية ابتلاع الكنافة والقطايف.
الجريدة الرسمية